الفصل الثامن في معاودة ذكر اختلافالعلوم و اتفاقها في المبادئ و الموضوعات
المباحث إنما تكون من علم واحد إذا اشتركتفي الموضوع الأول و كان البحث فيها إنما هوعن العوارض الذاتية التي تعرض له أولأجزائه أو لأنواعه و اشتركت في المبادئالأولى التي منها يتبرهن أن تلك العوارضالذاتية موجودة للموضوع الأول أو لأجزائهأو لأنواعه. فإذا اختلفت في الموضوع الأولو في المبادئ الأولى للبراهين اختلافا مانشير إليه و نعني بالمبادئ الأولى لاالمقدمات فقط بل الحدود و غير ذلك فليست منعلم واحد. فإذا أردت الامتحان فارفع كلشيء إلى مبادئه الأولى و جنسه الأول أيموضوعه فتجد المختلفات من العلوم مختلفةفيهما مثل مسائل المناظر و مسائل الهندسة.أما في الجنس أي الموضوع فتجدهما مختلفينفيه لا محالة. و أما في المبادئ فتجدهما وإن اشتركا فيها بوجه ما فإنهما يختلفان منوجه آخر. فإنك تجد المبادئ و هي للهندسةأولا و للمناظر ثانيا. و هذا أمر قد فرغنامنه. و ليس اختلاف البراهين يوجب اختلافا فيهذا الباب فقد يكون على شيء واحد برهانانمختلفان لا من حدين أوسطين يحمل أحدهماعلى الآخر فقط مثل قولنا كل إنسان حيوان وكل حيوان مغتذ و قولنا كل إنسان نام و كلنام مغتذ بل و من حدين أوسطين لا يحملأحدهما على الآخر مثل قولنا كل قابل للذةمتحرك و كل متحرك متغير مع قولنا كل قابلللذة ساكن و كل ساكن متغير. فالأول أحدحديه الأوسطين تحت الآخر: فإن الحيوان تحتالنامي. و أما الثاني فهما مختلفان ليسأحدهما تحت الآخر. و كذلك قولنا كل إنسانضاحك و كل ضاحك متعجب. و أيضا كل إنسانمستحي و كل مستحي متعجب: فإن هذين و إن كانامن جملة