الفصل الخامس في ذكر كيفية انتفاع النفسبالحس في المعقولات
و ذكر المفردات من المعاني و كيف تكتسب. وفي التركيب الأول منها و كيف ينتهي إليهتحليل القياسات قيل إن من فقد حسا ما فقديجب أن يفقد علما ما أي العلم الذي يحركالنفس إليه ذلك الحس فلا يمكنه أن يصلإليه. و ذلك أن المبادئ التي منها يتوصلإلى العلم اليقيني برهان و استقراء: أيالاستقراء الذاتي. و لا بد من استنادالاستقراء إلى الحس. و مقدمات البرهان كلية و مبادئها إنماتحصل بالحس و بأن تكتسب بتوسطه خيالاتالمفردات لتتصرف فيها القوة العقليةتصرفا تكتسب به الأمور الكلية مفردة وتركبها على هيئة القول. و إن رام أحد أنيوضحها لمن يذهل عنها و لا يحسن التنبه لهالم يمكن إلا باستقراء يستند إلى الحسلأنها أوائل و لا برهان عليها مثلالمقدمات الرياضية المأخوذة في بيان أنالأرض في الوسط و المقدمات الطبيعية في أنالأرض ثقيلة و النار خفيفة. و لذلك فإن أوائل العوارض الذاتية لكلواحد من الموضوعات فإنما تعرف بالحس أولاثم يكتسب من المحسوس معقول آخر: مثل المثلثو السطح و غير ذلك في علم الهندسة سواءكانت مفارقة أو غير مفارقة فإن وجوهالوصول إليها أولا بالحس. فهذا قول مجملقيل في التعليم الأول.. و نحن فقد حاذينابكلامنا ذلك على أنا نزيدك تفصيلا فنقول: يجب أن تعلم أنه ليس شيء من المعقولاتبمحسوس و لا شيء من المحسوس من جهة ما هومعرض للحس بمعقول أي معرض لإدراك العقل لهو إن كان الحس مبدأ ما لحصول كثير منالمعقولات. و لنمثل لهذا من الإنسانالمحسوس و المعقول أولا فنقول. إن كل