برهان من کتاب الشفاء نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
واحد من الناس المحسوسين فإن الحس ينالهأيضا بقدر ما من العظم و هيئة ما منالكيفية و وضع ما معين في أجزاء أعضائه ووضع له في مكانه. و كذلك تنال هذه الأحوالفي عضو عضو منه. فلا يخلو إما أن يكون هذاالذي أدركه الحس هو الإنسان المعقول أويكون المعقول شيئا غير هذا المحسوس و إنكان يلازمه. ثم من البين أن الإنسانالمعقول مشترك فيه على السواء. فزيد عندالعقل إنسان كما و عمرو إنسان و ذلكبالتواطؤ المطلق. و هذا المحسوس ليسبمشترك فيه: إذ ليس مقداره و كيفيته و وضعهمشتركا فيها. و هو غير محسوس هذا المحسوسإلا كذلك. فإذن ليس الإنسان المعقول هو المتصور فيالخيال من الإنسان المحسوس. و بالجملة إنالشيء الذي يصادفه الحس ليس هو حقيقةالإنسان المشترك فيها و ليس هو الذييصادفه العقل منها إلا بالعرض. فلننظر كيفيجب أن يكون الإنسان المعقول فنقول: يجب أن يكون مجردا عن شريطة تلحقه من خارجمثل تقدير بعظم ما معين و تكييف بكيفية مامعينة و تحديد بوضع ما معين و أين ما معين.بل يكون طبيعة معقولة مهيأة لأن تعرض لهاكل المقادير و الكيفيات و الأوضاع والأيون التي من شأنها أن تعرض للإنسان فيالوجود. و لو أن الإنسان كان تصوره فيالعقل بحده مقترنا بتقدير ما أو وضع ما وغير ذلك لكان يجب أن يشترك فيه كل إنسان. وهذا العظم المشار إليه و الوضع و الأين وغير ذلك إنما يلحق الإنسان من جهة مادتهالتي تختص به. فتبين أن الإنسان من حيث يتصور في العقلبحده مجرد بتجريد العقل عن المادة ولواحقها و هو بما هو كذلك غير متطرق إليهبالحس. بل الإنسان إذا تناوله الحس تناولمغمورا بلواحق غريبة. ثم نقول: إن الموجودات قسمان: معقولة الذوات فيالوجود و محسوسة الذوات في الوجود. فأما معقولة الذوات في الوجود فهي التي لامادة لها و لا لواحق مادة و إنما هي معقولةبذاتها لأنها