برهان من کتاب الشفاء نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
و كثير من الأمور الطبيعية ليس ترتيبعللها و معلولاتها على الاستقامة بل علىالدور. مثال ذلك في العلل المادية أن الأرض ابتلتمن المطر فبخرت فحدث غيم فمطرت فابتلت منالمطر. فإذن العلة الأولى لابتلالها منالمطر هو ابتلالها من المطر. فإن قيل إنالأرض طين مبتلة من المطر و كل طين مبتلةمن المطر فإنها تبتل من المطر كان برهانادائرا و مع دوره صادقا لا بد منه إلا أن بينحده الأوسط و الأكبر وسائط و مطالب للم: لأنه يقال لم الأرض المبتلة من المطر تبتلمن المطر فيجاب لأنها تبخر. ثم يسأل مرة ولم إذا بخرت ابتلت من المطر قيل لأنه يحدثمن ذلك سحاب. فيسأل: و لم عند حدوث السحابتبتل من المطر فيجاب لأن السحاب يبرد ويتكاثف و ينزل قطرا. فكل واحد من هذهالأمور علة و معلول و أخذه حدا أوسط برهانو دليل معا. و لكن ليس العلة و المعلول فيهاواحدة بالذات بل بالنوع: فليس الابتلالالذي كان عنه المطر هو الابتلال الذي كانعن ذلك المطر. فأما نوع الابتلال فواحد. وكذلك ليس البخار الذي كان عن السحاب هوالبخار الذي كان عنه السحاب. و على هذا القياس فإذا اعتبرت نوع المعنىكان البرهان دائرا و إذا اعتبرت الشخص لميكن البرهان دائرا و البرهان هاهنا ليسعلى النوع بل على شيء متعين من النوع.فإذن ليس الذي يبين به هو بعينه الذي يبين.فليس هناك عند التحقيق دور و إن أوهم دورا. هذا و قد قلنا إن البرهان إما لأمورضرورية و إما لأمور أكثرية. فالأمورالضرورية لا يلبس من حالها أن الواجب فيبراهينها أن توسط العلة الضرورية. فأماالأمر الأكثري فالحد الأوسط في برهانهيكون علة أكثرية: مثل أن كل ذكر من الناسففي الأكثر يغلظ ما يتحلل عنه و يكثف جلدةذقنه و كل من يكون كذلك فإنه ينبت له علىالأكثر لحية. فقد أعطى هذا البرهان علةلوجود الأمر و لكن أكثرية لأن وجود الأمرأكثري.