برهان من کتاب الشفاء نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
و أما التجربة فإنها غير الاستقراء وسنبين ذلك بعد. و التجربة مثل حكمنا أنالسقمونيا مسهل للصفراء فإنه لما تكرر هذامرارا كثيرة زال عن أن يكون مما يقعبالاتفاق. فحكم الذهن أن من شأن السقمونياإسهال الصفراء و أذعن له. و إسهال الصفراءعرض لازم للسقمونيا. و لسائل أن يسأل فيقول: هذا مما لم يعرفسببه فكيف يقع هذا اليقين الذي عندنا من أنالسقمونيا لا يمكن أن يكون صحيح الطبع فلايكون مسهلا للصفراء أقول إنه لما تحقق أنالسقمونيا يعرض له إسهال الصفراء و تبينذلك على سبيل التكرار الكثير علم أن ليسذلك اتفاقا فإن الاتفاقي لا يكون دائما أوأكثريا. فعلم أن ذلك شيء يوجبه السقمونياطبعا إذ لا يصح أن يكون عنه اختيارا: إذ علمأن الجسم بما هو جسم لا يوجب هذا المعنىفيوجبه بقوة قريبة فيه أو خاصة له أو نسبةمقرونة به. فصح بهذا النوع من البيان أن فيالسقمونيا بالطبع أو معه علة مسهلةللصفراء. و القوة المسهلة للصفراء إذاكانت صحيحة و كان المنفعل مستعدا حصلالفعل و الانفعال. فصح أن السقمونيا فيبلادنا تسهل دائما الصفراء إذا كانتصحيحة. فإذن عرفنا الأعظم للأصغر بواسطةالأوسط الذي هو القوة المسهلة و هو السبب.و إذا حللت باقي القياس وجدت كل بيان إنماهو بيان بواسطة هي علة لوجود الأكبر فيالأوسط و إن لم يكن علة للعلم بالأكبر.فإذن بالسبب حصل لنا هذا النوع من اليقينأيضا. و لقائل أن يقول: ما بال التجربة تفيدالإنسان علما بأن السقمونيا مسهل الصفراءعلى وجه يخالف في إفادته إفادة الاستقراءفإن الاستقراء إما أن يكون مستوفياللأقسام و إما أن لا يوقع غير الظن الأغلب.و التجربة ليست كذلك. تم يعود يتشكك فيقول:ما بال التجربة توقع في أشياء حكما يقينياثم لو توهمنا أن لا ناس إلا في بلادالسودان و لا يتكرر على الحس إنسان إلاأسود فهل يوجب ذلك أن يقع اعتقاد بأن كلإنسان أسود و إن لم يوقع فلم صار تكرر يوقعو تكرر