برهان من کتاب الشفاء نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
لا يوقع و إن أوقعت فقد أوقعت خطأ و كذبا. وإذا أوقعت خطأ و كذبا فقد صارت التجربة غيرموثوق بها و لا صالحة أن تكتسب منهامبادىء البراهين: فنقول في جواب ذلك: إن التجربة ليست تفيد العلم لكثرة مايشاهد على ذلك الحكم فقط بل لاقتران قياسبه قد ذكرناه. و مع ذلك فليس تفيد علما كلياقياسيا مطلقا بل كليا بشرط و هو أن هذاالشيء الذي تكرر على الحس تلزم طباعه فيالناحية التي تكرر الحس بها أمرا دائماإلا أن يكون مانع فيكون كليا بهذا الشرط لاكليا مطلقا. فإنه إذا حصل أمر يحتاج لامحالة إلى سبب ثم تكرر مع حدوث أمر علم أنسببا قد تكرر. فلا يخلو إما أن يكون ذلكالأمر هو السبب أو المقترن بالسبب أو لايكون سبب. فإن لم يكن هو السبب أو المقترنبالطبع بالسبب لم يكن حدوث الأمر مع حصولهفي الأكثر بل لا محالة يجب أن يعلم أنهالسبب أو المقارن بالطبع للسبب. و اعلم أن التجربة ليست تفيد إلا فيالحوادث التي على هذا السبيل و إلى هذاالحد. و إذا اعتبرت هذا القانون الذيأعطيناه سهل لك الجواب عن التشكك الموردلحال الناس السود في بلاد السودان وولادتهم السود. و بالجملة فإن الولادة إذاأخذت من حيث هي ولادة عن ناس سود أو عن ناسفي بلاد كذا صحت منه التجربة. و أما إن أخذتمن حيث هي ولادة عن ناس فقط فليست التجربةمتأتية باعتبار الجزئيات المذكورة إذالتجربة كانت في ناس سود و الناس المطلقونغير الناس السود. و لهذا فإن التجربة كثيراما تغلط أيضا إذا أخذ ما بالعرض مكان مابالذات فتوقع ظنا ليس يقينا. و إنما يوقعاليقين منها ما اتفق إن كان تجربة و أخذفيها الشيء المجرب عليه بذاته. فأما إذاأخذ غيره مما هو أعم منه أو أخص فإنالتجربة لا تفيد اليقين.