المجلس الثامن: فيما وقع بينه (عليهالسلام) وبين هارون الرشيد
في المناقب: عن الفضل بن الربيع ورجل آخرقالا: حج هارون الرشيد وابتدأ بالطوافومنعت العامة من ذلك لينفرد وحده، فبينماهو في ذلك إذ ابتدر أعرابي البيت وجعل يطوفمعه، فقال الحاجب: تنحّ يا هذا عن وجهالخليفة، فانتهرهم الأعرابي وقال: إنّالله ساوى بين الناس في هذا الموضع فقال:(سواء العاكف فيه والباد)(1) فأمر الحاجببالكفّ عنه، فكلّما طاف الرشيد طافالأعرابي أمامه، فنهض إلى الحجر الأسودليقبّله فسبقه الأعرابي إليه والتثمه،ثمّ صار الرشيد إلى المقام ليصلّي فيه،فصلّى الأعرابي أمامه.
فلمّا فرغ هارون من صلاته استدعىالأعرابي فقال الحجّاب: أجب أميرالمؤمنين.فقال: مالي إليه حاجة، فأقوم إليه، بل إنكانت الحاجة له فهو بالقيام إلي أولى. قال:صدق، فمشى إليه وسلّم عليه، فردّ عليهالسلام فقال هارون: أجلسُ يا أعرابي؟ فقال:ما الموضع لي فتستأذنني فيه بالجلوس،إنّما هو بيت الله نصبه لعباده، فإن أحببتأن تجلس فاجلس وإن أحببت أن تنصرف فانصرف.فجلس هارون وقال: ويحك يا أعرابي! مثلك منيزاحم الملوك؟ قال: نعم وفيّ المستمع ـيعني وفيّ علم يجب أن يستمع إليه ـ.
قال: فإنّي سائلك فإن عجزت آذيتك. قال:سؤالك هذا متعلّم أو سؤال متعنّت؟ قال: بلسؤال متعلّم. قال: اجلس مكان السائل منالمسئول وسل وأنت مسئول. فقال هارون:أخبرني ما فرضك؟ قال: إنّ الفرض رحمك اللهواحد وخمسة وسبعة عشر وأربع وثلاثون وأربعوتسعون ومائة وثلاثة وخمسون على
(1) الحج 25.