أقول: وإنّ المأمون وإن قتل الرضا (عليهالسلام) وسقاه السمّ، ولكن بعد ما قضى نحبهأقام بتجهيزه وجعل يبكي ويصرخ ويصيح ويلطمعلى رأسه حتى غسّله معزّزاً وكفّنه وحملجنازته مكرّماً ودفنه مبجّلاً ومجلّلاً،ثمّ تعطّف لولده الجواد (عليه السلام) حتىزوّجه ابنته، وأشقى من المأمون قوم قتلواابن بنت نبيّهم عطشاناً ظمئاناً، ثمّسلبوه وأخذوا أثوابه، ثمّ داسوا صدرهبحوافر خيولهم، ثمّ هجموا على أهلهوعيالاته، وصنعوا بهنّ ما صنعوا، وسبوهموحملوهم على النياق، ووضعوا الجامعة فيعنق ولده العليل زين العابدين، وسيّروه منكربلا إلى الكوفة، ومن الكوفة إلى الشام.
المجلس الخامس: في توجّه الرضا (عليهالسلام) إلى خراسان
روى الشيخ الأربلي عن دلائل الحميري عنأمية بن علي قال: كنت مع أبي الحسن (عليهالسلام) بمكة في السنة التي حجّ فيها ثمّصار إلى خراسان، ومعه أبو جعفر (عليهالسلام)، وأبوالحسن يودّع البيت، فلمّاقضى طوافه عدل إلى المقام، فصلّى عنده،فصار أبو جعفر الجواد (عليه السلام) علىعنق موفّق يطوف به، فصار أبو جعفر (عليهالسلام) إلى الحجر، فجلس فيه فأطال، فقالله موفّق: قم جعلت فداك، فقال (عليهالسلام): ما أريد أن أبرح من مكاني هذا إلاّأن يشاء الله، واستبان في وجهه الغم.
فأتى موفّق أبا الحسن الرضا (عليه السلام)فقال: جعلت فداك، قد جلس أبو جعفر (عليهالسلام)في الحجر وهو يأبى أن يقوم. فقامالرضا (عليه السلام) فأتى أبا جعفر فقال له:قم يا حبيبي. فقال: ما أريد أن أبرح منمكاني هذا. قال: بلى يا حبيبي، ثمّ قال: كيفأقوم وقد ودّعت البيت وداعاً لا رجعت إليه.فقال: قم يا حبيبي، فقام معه.
وقال المسعودي: إنّ لأبي جعفر (عليهالسلام) في ذلك الوقت سنة.
وقال السيد عبدالكريم ابن طاوس: إنّ الرضا(عليه السلام) لمّا طلبه المأمون منخراسان، توجّه (عليه السلام) من المدينةإلى البصرة، ولم يصل الكوفة، ومنها توجّهعلى