المجلس الثالث: في شخوصه (عليه السلام) منالمدينة إلى سرّ من رأى
كان سبب شخوص أبي الحسن الهادي (عليهالسلام) من المدينة إلى سرّ من رأى كما فيالإرشاد أنّ عبدالله بن محمّد كان يتولّىالحرب والصلاة في مدينة الرسول (صلّى اللهعليه وآله وسلّم)، فسعى بأبي الحسن (عليهالسلام) إلى المتوكل، وكان يقصده بالأذى،وبلغ أباالحسن (عليه السلام)سعايته به،فكتب إلى المتوكل كتاباً يذكر تحاملعبدالله بن محمّد عليه، وكذبه فيما سعىبه، فتقدّم المتوكل بإجابته عن كتابهودعائه فيه إلى حضور العسكر على جميل منالفعل والقول، وكتب إليه كتاباً بأحسنكتاب وأجلّ خطاب وأوفر موعود وأوقر معروفونسخته هذه:
بسم الله الرحمين الرحيم; أمّا بعد فإنّأميرالمؤمنين عارف بقدرك، راع لقرابتك،موجب لحقّك مؤثّر من الأمور فيك وفي أهلبيتك ما يصلح الله به حالك وحالهم، ويثبتبه من عزّك وعزّهم، ويدخل الأمن عليكوعليهم يبتغي بذلك رضاء ربّه وأداء ما فرضعليه فيك وفيهم، إلى آخر ما كتب، وفي آخرهكتب: إنّ أميرالمؤمنين مشتاق إليك، يحبّإحداث العهد بك والنظر إلى وجهك، وإذانشطت لزيارته والمقام قبله ما أحببت، شخصتومن اخترت من أهل بيتك ومواليك وحشمك علىمهلة وطمأنينة ترحل إذا شئت، وتنزل إذاشئت، وتسير كيف شئت، وإن أحببت أن يكون(يحيى بن هرثمة) مولى أميرالمؤمنين ومن معهمن الجند يرحلون برحلك ويسيرون بمسيركفالأمر في ذلك إليك، وقد تقدّمنا إليهبطاعتك، فاستخر الله حتى توافيأميرالمؤمنين، فما أحد من إخوته وولدهوأهل بيته وخاصّته ألطف منه منزلة ولاأحمد له أثرة، ولا هو لهم أنظر وعليهم أشفقوبهم أبر وإليهم أسكن منه إليك، والسلامعليك ورحمة الله وبركاته.
فلمّا وصل الكتاب إلى أبي الحسن (عليهالسلام) تجهّز للرحيل.