ذا؟ قال: إنّ الخليفة يدعو موسى بن جعفرفأخرجه من سجنك وأطلق عنه، فصاح السجّان:يا موسى! إنّ الخليفة يدعوك، فقام موسىمذعوراً فزعاً وهو يقول: لا يدعوني في جوفالليل إلاّ لشرّ يريد بي، فقام باكياًحزيناً مغموماً آيساً من حياته، فجاء إلىهارون وهو ترتعد فرائصه، فقال: سلام علىهارون، فردّ عليه السلام.
ثمّ قال هارون: ناشدتك بالله هل دعوت اللهفي جوف هذه الليلة بدعوات؟ قال: نعم. قال:وما هنّ، فحكى له، فقال: قد استجاب اللهدعوتك، يا حاجب! أطلق عن هذا، وأطلقهالرشيد من الحبس، وأذن له في الإنصرافوالرجوع إلى حرم رسول الله. ولكن لا يظهرمن الأخبار أنّه (عليه السلام) رجع إلىالمدينة، بل الظاهر إنّه بقي في بغدادلأنّه كان عالماً بأنّ الرشيد لا يخلّيسبيله، ولا يتجاوز عنه، ولا يأمن غوايله،ولا يصان مكره، فمن أجل ذلك لمّا خرج منالحبس نزل في دار في بغداد، وكان شريفاًكريماً عنده، ويدخل على الرشيد في كلّخميس، والرشيد يكرمه غاية الإكرام إلى أنحبسه الثانية، فلم يطلق عنه حتى سلّمه إلىالسندي بن شاهك لعنه الله، وكان يضيّق علىموسى بن جعفر (عليه السلام) غاية التضييق;بحيث لا يطيق اللسان على بيانه، أنزله فيقعر داره وظلم المطامير، وقيّده بقيودثلاث، ووكّل عليه جماعة وأغلق وقفل عليهالأبواب، وهو روحي له الفدا يخرج من وراءهذه الأبواب ويصلّي في مسجد كان بإزاء دارالسندي ويرجع إلى الحبس.
قال الراوي: كان مسجد بإزاء دار السندي بنشاهك، وكنّا في المسجد مع جماعة، فإذا قدأقبل رجل من باب المسجد داخلاً كادتلرؤيته العقول أن تذهل، فعلمنا أنّه موسىبن جعفر، فما كان بأسرع من أن سمعنا وجيباًشديداً، وإذاً السندي بن شاهك يعدو داخلاًإلى المسجد معه جماعة، وسألنا عن موسى بنجعفر (عليه السلام) قلنا: نعم، دخلالمصلّى، ثمّ تقدّم إلى موسى وهو قائم فيالمحراب فأتاه من قبل وجهه ونحن نسمع فقال:يا ويحك! كم تخرج بسحرك هذا وحيلتك من وراءالأبواب