علينا زائرا لنا فاستقبله وأكرمه غايةالإكرام، فلمّا أصبح المتولي خرج مستقبلامع جميع الخدّام وارباب المناصب في الحضرةالرضوية، واستقبلوا الرجل وأدخلوه فيالبلد معزّزاً ومكرّماً، وأدخلوا القنديلفي الروضة وعلّقوه في محلّه. فلمّا استقرّبه الدار خرج من هيئة المسافر واغتسل ودخلالروضة المنوّرة وقبّل تلك القبّةالشريفة واشتغل بالزيارة والدعاء إلى أنمضى برهة من الليل، وأخرجوا الخدّام غيرهمن الزائرين، وسدّوا الأبواب ومضوالشأنهم، فلمّا اختصّ به الحرم ورأى نفسهفريداً، سكت ساعة ثمّ اشتغل بالتضرّعوالبكاء والإستغاثة بالإمام (عليهالسلام)، وسأل عنه الوصول إلى زوجته وألحّفي ذلك إلى أن بقي ثلث الليل وقد أعيي منكثرة الإلحاح والدعاء، فسجد، فغلبهالنوم، فسمع هاتفاً يقول: قم.
فلمّا قام من سجدته رأى الإمام الهمام أباالحسن الرضا (عليه السلام) واقفاً فقال له:قم، فقد أوتيت بزوجتك وهي الآن واقفة خلفالروضة، فاذهب إليها. فقال: فديتك بنفسيإنّ الأبواب مسدودة. فقال (عليه السلام):الذي أتى بها من ذاك المكان البعيد إلى هنايتمكّن من فتح الأبواب المغلّقة.
فخرج الرجل، فكلّما مرّ بباب انفتح إلى أنبلغ خلف الروضة، فرأى زوجته على الهيئةالتي خلّفها في الجزيرة متحيّرة خائفة،فلمّا رأت بعلها تعلّقت به، فقال لها: منبلّغك إلى هذا المقام؟ فقالت:
كنت في شاطىء البحر جالسة متفكرة وقد أصابعيني رمد شديد وألم موجع من شدّة البكاءأتأوه من شدّته، فإذا بشابّ قد أضاء بنوروجهه جميع البرّ والبحر في هذا الليلالمظلم، فأخذ بيدي وقال: غمّضي عينك،فغمّضتها وفتحتها بعد زمان فرأيت نفسي فيهذا المكان، فذهب بها إلى الحجرة عندولديه وجاوروا في ذاك المكان الشريف إلىأن توفّوا.
نعم، ما زاره مكروب إلاّ نفّس الله كربته،ولا مهموم إلاّ فرّج عنه همّه، ولا