الناس، يأتيهم رزقهم وما يحتاجون إليه،ولا يدرون من أين يأتيهم، حتى مات زينالعابدين فقدوا ذلك، فضجّوا ضجّة واحدة،وكان أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقةالسرّ حتى مات عليّ بن الحسين (عليهالسلام).
وكان يدعو الفقراء ويحضرهم في دارهويطعمهم من المساكين والأيتام والأضرّاءوالزمناء والمساكين الذين لا حيلة لهم،وكان يناولهم بيده، ومن كان منهم له عيالحمل إلى عياله من طعامه.
وقال ابن شهراشوب: كان يستسقي لضعفهجيرانه بالليل، فلمّا قبض (عليهالسلام)ووضع على المغتسل، نظر الباقر(عليه السلام) إلى ظهره وعليه مثل ركبالإبل ممّا كان يحمله على ظهره إلى منازلالفقراء والمساكين. وفي خبر: فرأى فيه آثارسوداً ممّا كان يستسقي لجيرانه، وممّا كانيحمله على ظهره من الجراب وغيره إلى منازلالفقراء. وقيل: إنّه رأى أيضاً أثر الجامعةفي عنقه، ومن أجل ذلك حنّ وأنّ وبكى.
ولقد حجّ ماشياً مراراً عديدة، وحجّ علىناقة أربعين حجّاً، فما قرعها بسوط، وكانتالناقة تبطىء في المشي فيرفع السوطليقرعها ثمّ يردّ يده عنها ولا يقرعها.
قال عبدالله بن المبارك: حججت بعض السنين،فبينما أنا سائر في عرض الحاج، وإذا صبيّسباعيّ أو ثماني وهو يسير في ناحية منالحاج، بلا زاد ولا راحلة، فتقدّمت إليهوسلّمت عليه وقلت له: مع من قطعت البر؟ قال:مع الباري. فكبر في عينيّ، فقلت: يا ولدي!أين زادك وأين راحلتك؟ فقال: زادي تقوى،وراحلتي رجلاي، وقصدي مولاي، فعظم فينفسي، فقلت: يا ولدي ممّن تكون أنت؟ قال:مطلّبي. قلت: ابن لي. قال: هاشمي. فقلت: ابنلي. قال: علويّ فاطمي. فقلت: يا سيدي هل قلتشيئاً من الشّعر؟ قال: نعم. فقلت: أنشدني منشعرك، فأنشد: