دونك ولا تكشف عن الفسطاط حتّى ترانيفتهلك، فإنّه سيشرف عليك ويقول: يا هرثمة!أليس زعمتم أنّ الإمام لا يغسّله إلاّإمام مثله، فمن يغسّل أباالحسن عليّ بنموسى وابنه محمّد بالمدينة من بلاد الحجازونحن بطوس؟! فإذا قال ذلك فأجبه وقل له:إنّا نقول إنّ الإمام لا يجب أن يغسّلهإلاّ إمام، فان تعدّى متعدّ وغسّل الإماملم تبطل إمامة الإمام لتعدّي غاسله، ولابطلت إمامة الإمام الذي بعده بأن غلب علىغسل أبيه، ولو ترك أبوالحسن عليّ بن موسىبالمدينة لغسله ابنه محمّد ظاهراًمكشوفاً، ولا يغسّله الآن أيضاً إلاّ هومن حيث يخفى.
فإذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مدرّجا فيأكفاني فضعني على نعش واحملني فإذا أرادأن يحفر قبري فإنّه سيجعل قبر أبيه هارونالرشيد قبلة لقبري، ولا يكون ذلك أبداً،فإذا ضربت المعاول نبت على الأرض حجر ولمينحفر لهم منه شيء ولا مثل قلامة ظفر، فإذااجتهدوا في ذلك وصعب عليهم فخذ المعولمنهم واضرب به الأرض معولاً واحداً فيقبله قبر الرشيد، فإذا ضربت ظهر قبر محفوروضريح قائم، فإذا انفرج ذلك القبر فلاتنزلني فيه حتى يفور من الضريح ماء أبيضفيمتلي منه ذلك القبر، ثم يضطرب فيه حوتبطوله، فإذا اضطرب فلا تنزلني في القبرحتى إذا غاب الحوت وغار الماء فأنزلني فيذلك القبر وألحدني في ذلك الضريح، ولاتتركهم يأتوا بتراب يلقونه عليّ، فإنّالقبر ينطبق بنفسه ويمتلي.
قال: قلت: نعم يا سيدي. ثمّ قال لي: احفظ ماعهدت إليك واعمل به، ولا تخالف. قلت: أعوذبالله أن أخالفك أمراً يا سيدي. قال هرثمة:ثمّ خرجت باكياً حزيناً، فلم أزل كالحبّةعلى المقلاة لا يعلم ما في نفسي إلاّ الله،ثمّ دعاني المأمون فدخلت إليه فلم أزلقائماً إلى ضحى النهار، ثمّ قال المأمون:إمض يا هرثمة إلى أبي الحسن (عليه السلام)فاقرأه منّي السلام وقل له: تصير إلينا أونصير إليك; فإن قال لك: بل نصير إليه،فتسأله عنّي أن يقدّم ذلك.