ما قد صدقتني عمّا أخبرك به غير الذي قلتلي. قلت: يا أميرالمؤمنين! فعمّا تسألني؟فقال: يا هرثمة! هل أسرّ إليك شيئاً غيرهذا؟ قلت: نعم. قال: ما هو؟ قلت: خبر العنبوالرمّان.
قال: فأقبل المأمون يتلوّن ألواناً يصفرّمرّة ويحمرّ أخرى ويسودّ أخرى ثمّ تمدّدمغشيّاً عليه، فسمعته في غشيته وهو يهجرويقول: ويل للمأمون من الله! ويل له من رسولالله! ويل له من عليّ! ويل للمأمون منفاطمة! ويل للمأمون من الحسن والحسين! ويلللمأمون من عليّ بن الحسين! ويل للمأمون منمحمّد بن علي! ويل للمأمون من جعفر بنمحمّد! ويل للمأمون من موسى بن جعفر! ويلللمأمون من عليّ بن موسى الرضا (عليهالسلام) هذا والله هو الخسران المبين،يقول هذا القول ويكرّره ندماً، ولا ينفعهالندم كما ندم أشباهه ونظائره وشركاؤهممّن أساؤا بالعترة الطاهرة منهم يزيد بنمعاوية لعنه الله كما قالت زوجته هند:
فانتبهت من نومي فزعة مرعوبة فجعلت أطلبيزيد، فرأيته وقد دخل في بيت مظلم وداروجهه إلى الحائط ويقول: مالي وللحسين.
قال هرثمة: فلمّا رأيته قد أطال ذلك ولّيتعنه وجلست في بعض نواحي الدار. قال: فجلسودعاني فدخلت إليه وهو جالس كالسكرانفقال: والله ما أنت أعزّ عليّ منه، ولا منجميع من في الأرض والسماء، والله لئنبلغني أنّك أعدت بعد ما سمعت ورأيت شيئاًليكوننّ هلاكك فيه. قال: فقلت: ياأميرالمؤمنين! إن ظهرت عليّ شيء من ذلكمنّي فأنت في حلّ من دمي. قال: لا والله أوتعطيني عهداً أو ميثاقاً على كتمان هذاوترك إعادته، فأخذ عليّ العهد والميثاقوأكّده عليّ.
قال: فلمّا ولّيت عنه صفق بيده وقال:(يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهومعهم إذ يبيّتون ما لا يرضى من القول وكانالله بما يعملون محيطا)(1).
(1) النساء 108.