وجماعة آل أبي طالب الذين كانوا عنده،فلمّا حضروه نعاه إليهم وأظهر حزناًشديداً، وأراهم إياه صحيح الجسد، قال:يعزّ عليّ يا أخي أن أراك في هذا الحال، قدكنت أؤمّل أن أقدم قبلك، فأبى الله إلاّ ماأراد، ثمّ أمر بغسله وكفنه وحنوطه، وخرجمع جنازته، فحملها حتى أتى إلى الموضعالذي هو مدفون فيه الآن وفي خبر لمّا قبض(عليه السلام) اجتمع الخلق وقالوا: قتل ابنرسول الله هذا قتله واغتاله يعني المأمون،فقال المأمون لمحمّد بن جعفر: أخرج إلىالناس وأعلمهم أنّ أباالحسن لا يخرج اليومجنازته، وكره أن يخرجه فتقع الفتنة، فخرجمحمّد بن جعفر إلى الناس فقال: أيها الناس!تفرّقوا فإنّ أباالحسن لا يخرج، فتفرّقالناس، وغسل أبوالحسن في الليل ودفنليلاً.
أقول: دفن الرضا (عليه السلام) ليلاً ودفنأميرالمؤمنين (عليه السلام) ليلاً ودفنتفاطمة (عليها السلام)ليلاً:
ولأيّ الأمور تدفن سرّاً
بضعة المصطفىويعفى ثراها
بضعة المصطفىويعفى ثراها
بضعة المصطفىويعفى ثراها
ذكر أبوالفرج في المقاتل عن أبي الصلتالهروي أنّه دخل المأمون إلى الرضا (عليهالسلام) يعوده، فوجده يجود بنفسه، فبكىوقال: عزّ عليّ يا أخي بأن أعيش ليومك، فقدكان في بقائك أمل وأغلظ عليّ من ذلك وأشدّأنّ الناس يقولون إنّي سقيتك سمّاً، وأناإلى الله من ذلك بريء، ثمّ خرج المأمون منعنده، ومات الرضا (عليه السلام)، فحضرهالمأمون وأمر بغسله وتكفينه ومشى خلفجنازته حافياً حاسراً يقول: يا أخي! لقدثلم الإسلام بموتك وغلب القدر تقديري فيك،وأمر أن يحفر له إلى جانب أبيه، وشقّ لحدالرشيد فدفنه معه، وقال: أرجو أن ينفعهالله تبارك وتعالى بقربه، ودفن وقبر قبلةلقبر الرشيد. والموضع دار (حميد بن قحطبة)في قرية يقال لها (سناباد)، وإلى هذا أشاردعبل:
أربع بطوس على قبر الزكيّ به
إن كنتتربع من دين على وطر
إن كنتتربع من دين على وطر
إن كنتتربع من دين على وطر