قلوبهم، باكية عيونهم، فتعجّب الصياد منكلام الإمام وضحك وقال في نفسه: ما عندهحتى يعطيني أكثر من عطاء يزيد، ثمّ رقّقلبه على الأيتام وشدّ حبلاً بعنق الخشفةشدّاً وثيقاً وسرّحها في الخربة بينالأطفال ليستأنسوا بها ساعة ثمّ يأخذهاويذهب بها إلى يزيد، فاجتمعوا عليهايستأنسون بها ويلعبون معها وهم مشغوفونبها، فعند ذلك مدّ الإمام زين العابدين(عليه السلام) يده إلى الأرض ورفع حصيات عنوجه الأرض ورمى بها إلى الصياد، فانقلبتجواهر فاخرة ما رأت العيون مثلها.
فتحيّر الرجل وقال: يا غلام! من أنت ومنهؤلاء النسوة والأطفال؟ فقال الإمام (عليهالسلام): ما الذي سمعت أنت من هؤلاء القوم،وما بلغك؟ فقال: يقولون إنّكم من الخوارج،قتلكم عبيدالله بن زياد. فبكى الإمام (عليهالسلام) وقال: لا والله بل الدين لنا ومنعندنا ونحن ديّنّاكم بدين محمّد، وهوجدّنا، وما استقام الدين إلاّ بسيف جدّنا.فقال الصياد: من أنت وما اسمك؟ قال: أناعليّ بن الحسين. قال: الحسين بن علي وأمّهفاطمة بنت رسول الله؟! قال: نعم. قال: سيديوأين أبوك الحسين؟ قال: قتلوه عطشاناًظمآناً وتركوه في رمضاء كربلا عرياناً بلاغسل ولا كفن، ورأسه قد أهدي إلى يزيد، وهاهو بين يدي يزيد في طشت من الذهب. فبكىالصياد وجعل يلطم على رأسه ويقول: وا أسفاهعليك يا أبا عبدالله! لعن الله قاتلك، ثمّوهب الخشفة ومضى باكياً.
بلغ الخبر إلى يزيد، أمر بإحضار الصياد،فأحضر، فلمّا نظر الصياد إلى رأس الحسين(عليه السلام) في طشت من الذهب، فوثب إلىالرأس الشريف وأخذ الرأس وجعل يقبّلهويبكي ويقول: لعن قاتلك يا سيدي. فأمر يزيدبقتله، فقتل، وقال اللعين: لا تدفنوه،فلمّا جنّ الليل اجتمع جماعة من الشيعةبدفن الصياد، فدفن، فأقبلت نساؤه وعيالهوأطفاله إلى الإمام وتضرّعوا إليه وبكوا،فجاء الإمام إلى قبره ووقف ودعى اللهبدعوات، ثمّ قال: يا عبدالله قم بإذن الله،فإذا القبر قد انشقّ