مثل تُرا البناء، فإذا أمرنا في الأرضبأمر، أخذنا ذلك التُرا فأقبلت إليناالأرض بكليتها وأسواقها وكورها حتّى ننفذفيها من أمر الله ما أمر، وإنّ الريح كماكانت مسخّرة لسليمان فقد سخّرها اللهلمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وآله،والتُّرا الخيط ولعلّ هذا الخيط هو الخيطالذي رآه جابر بن يزيد الجعفي في تلكالقصّة المشهورة وذلك أنّه اشتكى الشيعةإلى زين العابدين (عليه السلام) ما يلقونهمن بني أميّة، فدعا الباقر (عليه السلام)وأمره أن يأخذ الخيط الذي نزل به جبرئيلإلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)ويحرّكه تحريكاً خفيفاً. فمضى الباقر(عليه السلام)إلى المسجد، فصلّى فيهركعتين، ثمّ وضع خدّه على التراب وتكلّمبكلمات، ثمّ رفع رأسه فأخرج من كمّه خيطاًدقيقاً تفوح منه رائحة المسك، وأعطى لجابرطرفاً منه فقال: امض. قال: فمضيت. ثمّ قال:قف يا جابر، فحرّك الخيط تحريكاً ليّناًخفيفاً ثمّ قال: أخرج فانظر ما حال الناس؟قال: فخرجت من المسجد فإذا صياح وصراخوولولة من كلّ ناحية، وإذا زلزلة شديدةورجفة وهدّة قد أخربت عامة دور المدينة،وهلك تحتها أكثر من ثلاثين ألف إنسان. ثمّصعد الباقر (عليه السلام) المنارة ونادىبأعلى صوته: ألا يا أيّها الضالّونالمكذّبون! قال: فظنّ الناس أنّه صوت منالسماء، فخرّوا لوجوههم وطارت أفئدتهم،وهم يقولون في سجودهم: الأمان الأمان،وإنّهم يسمعون الصيحة بالحقّ ولا يرونالشخص، ثمّ قرأ: (فخرّ عليهم السقف منفوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون)(1).
قال: فلمّا نزل عنها وخرجنا من المسجد،سألته عن الخيط، قال: هذا من البقيّة. قلت:وما البقيّة يابن رسول الله؟ قال: يا جابر!بقيّة ممّا ترك آل موسى وهارون تحملهالملائكة، ويضعه جبرئيل لدينا.
أقول: هذا الإمام الهمام أعني إمامناالباقر (عليه السلام) بمجرّد ما حرّك الخيطتحريكاً
(1) النحل 26.