أسخى منّي، فوالله ما بتّ ليلة ولله عليّحقّ يطالبني به; والسخي هو الذي يأخذ الشيءفيضعه في حقّه. وأمّا ما قلت إنّك أشجعمنّي، فوالله ما كان لك موقف يعرف به جبنكمن شجاعتك، فكأنّي بك وقد قتلت، وأرى رأسكجيء به ووضع على حجر الزنابير يسيل منهالدم إلى موضع كذا وكذا.
قال: فحكى ذلك لأبيه، فقال: يا بني! أجرنيالله فيك، إنّ جعفراً أخبرني أنّك صاحبحجر الزنابير، وهو يستهزأ بكلام الإمام،حتى ظهر ما أخبر به الصادق (عليه السلام)،لأنّ الناس أقبلوا إلى عبدالله بن الحسنالمحض وأرادوا أن يبايعوه، فقال لهم: أناشيخ كبير، ولكن ابني هذا محمّداً مهديّهذه الأمّة فبايعوه.
ثمّ ركب عبدالله المحض وجاء إلى جعفر بنمحمّد ليستشير منه، فخرج الصادق (عليهالسلام) ووضع يده على عنق حماره وقال: ياأبا محمّد! ما جاء بك في هذه الساعة؟فأخبره وقال: لا تفعلوا، فإنّ الأمر لم يأتبعد. فغضب عبدالله بن الحسن وقال: لقد علمتما تقول، ولكنّه يحملك على ذلك الحسدلابني. فقال: والله ما يحملني ذلك، ولكنهذا وإخوته وأبناءه دونك وابنك، وضرب بيدهعلى ظهر أبي العباس السفاح، فما مضت إلاّأيام قلائل حتّى وليّ الخلافة أبو العباسالسفاح، ثمّ جلس المنصور على سرير الملك،ففي أوائل ملك المنصور خرج محمّد بنعبدالله المحض بالمدينة وبايعه الناسوبلغ الخبر المنصور، فأرسل إليه ابن أخيهعيسى بن موسى في جيش عظيم، فحاربهم محمّدخارج المدينة وتفرّق أصحاب محمّد حتى بقيوحده فقاتل حتى قتل وحزّ رأسه وجاؤا برأسهحتى وضعوه على حجر الزنابير، والزنابيرتدخل في حلقه وأنفه وأذنه وعينيه، ثمّبعثوا برأسه إلى المنصور، والمنصور بعثبرأسه إلى أبيه عبدالله المحض وهو في حبسالمنصور مع جماعة من سادات بني الحسن،ولمّا رأى عبدالله رأس ولده قال: يرحمكالله لقد قتلوك صوّاماً قوّاماً، إلى آخرالقصّة، وقد ذكرنا ذلك مشروحاً في كتابناالمسمّى بـ (شجرة طوبى)، فمن أراد