والمقام. فبعث إليه داود بكتاب المنصوروقال: إعمل في المصير إلى المنصورأميرالمؤمنين في غد، ولا تتأخر.
قال صفوان الجمال: وكنت يومئذ بالمدينة،فأنفذ إليّ أبو عبدالله (عليه السلام)،فصرت إليه فقال لي: تعهّد راحلتنا، فإنّاغادون في غد إن شاء الله إلى العراق ونهضمن وقته وأنا معه إلى مسجد النبي (صلّىالله عليه وآله وسلّم)، وركع فيه ركعات،ثمّ رفع يديه ودعا بدعاء. قال صفوان: سألتهأن يعيد الدعاء عليّ، فأعاده وكتبته.فلمّا أصبح أبو عبدالله (عليه السلام)رحلتله الناقة وسار متوجهاً إلى العراق حتىقدم إلى الكوفة، وأبو جعفر المنصور بها،فلمّا أشرف على الهاشميّة مدينة أبي جعفرأخرج رجله من غرز الرحل يعني الركاب ثمّنزل ودعا ببغلة شهباء، ولبس ثياباً بيضاًوتكّة بيضاء.
فلمّا دخل عليه قال له أبو جعفر: لقدتشبّهت بالأنبياء. فقال أبو عبدالله (عليهالسلام): وإنّي تبعدني من أبناء الأنبياء.قال: لقد هممت أن أبعث إلى المدينة من يعقرنخلها ويسبي ذرّيّتها. فقال: ولم ذاك ياأميرالمؤمنين؟ فقال: رفع إليّ أنّ مولاكالمعلّى بن خنيس يدعو إليك، ويجمع لكالأموال. فقال: والله ما كان. فقال: لستأرضى منك إلاّ بالطلاق والعتاق والهديوالمشي. فقال: بالانداد من دون الله تأمرنيأن أحلف، أنّه من لم يرض بالله فليس منالله في شيء. فقال: أتتفقّه عليّ؟ فقال:وأنّى تبعدني من التفقّه وأنا ابن رسولالله؟! قال: فإنّي أجمع بينك وبين من سعىبك. قال: فافعل.
قال: فجاء الرجل الذي سعى به، فقال أبوعبدالله (عليه السلام): ما هذا؟ فقال: نعم،والله الذي لا إله إلاّ هو عالم الغيبوالشهادة الرحمن الرحيم لقد فعلت. فقال لهأبو عبدالله (عليه السلام): يا ويلك! تبجّلالله تعالى فيستحي من تعذيبك، ولكن قل:برءت من حول الله وقوّته وألجأت إلى حوليوقوّتي، فحلف بها الرجل، فلم يستتمّها حتىوقع ميّتاً. فقال له أبو جعفر المنصور: لاأصدّق بعدها عليك أبداً، وأحسن جائزته