روى ابن شهراشوب عن المفضّل بن عمر أنّالمنصور قد كان همّ بقتل أبي عبدالله (عليهالسلام) غير مرّة، فكان إذا بعث إليه ودعاهليقتله، فإذا نظر إليه هابه ولم يقتله،غير أنّه منع الناس عنه، ومنعه من القعودللناس، واستقصى عليه أشدّ الإستقصاء، حتىأنّه كان يقع لأحدهم مسألة في دينه في نكاحأو طلاق أو غير ذلك، فلا يكون علم ذلكعندهم، ولا يصلون إليه لأنّ الخليفة قدمنع الناس من الدخول على أبي عبدالله (عليهالسلام)، حتى سمع من الصادق (عليه السلام)يقول: أشكو إلى الله وحدتي وتقلقلي من أهلالمدينة حتّى تقدموا وأريكم وأسرّبكم،فليت هذا الطاغية أذن لي فاتّخذت قصراًفسكنته وأسكنتكم معي وأضمن له أن لا يجيءمن ناحيتنا مكروه أبداً.
ويظهر من الأخبار أنّ الصادق (عليهالسلام) في أيّام أبي العباس السفاح أيضاًكان في غاية الضيق ونهاية الشدّة، وأنّأبا العباس أيضاً أشخصه من المدينة إلىالعراق.
روى القطب الراوندي عن هارون بن خارجةقال: كان رجل من أصحابنا طلّق امرأتهثلاثاً، فسأل أصحابنا فقالوا: ليس بشيء.فقالت امرأته: لا أرضى حتى تسأل أباعبدالله. وكان (عليه السلام) بالحيرة إذذاك أيّام أبي العباس. قال: فذهبت إلىالحيرة ولم أقدر على كلامه إذ منع الخليفةالناس من الدخول على أبي عبدالله، وأناأنظر كيف التمس لقاءه، فإذا سواديُّ عليهجبّة صوف يبيع خياراً، فقلت له: بكم خياركهذا كلّه؟ قال: بدرهم، فأعطيته درهماًوقلت له: أعطني جبّتك هذه، فأخذتهاولبستها وناديت: من يشتري خياراً، ودنوتمنه (عليه السلام)، فإذا غلام من ناحيةينادي: يا صاحب الخيار، فدنوت منه، فقالالإمام (عليه السلام): ما أجود ما احتلت،أيّ شيء حاجتك؟ قلت: إنّي ابتليت، فطلّقتأهلي دفعة ثلاثاً، فسألت أصحابنا فقالوا:ليس بشيء، وإنّ المرأة قالت لا أرضى حتىتسأل أبا عبدالله (عليه السلام)، فقال(عليه السلام): إرجع إلى أهلك فليس عليكشيء.
لمّا منع المنصور إمامنا الصادق (عليهالسلام) من القعود للناس، شقّ ذلك علىشيعته،