ذلك ما رواه الذهبي عن أبي إدريس قال: قدم المغيرة بن شعبة دمشق فسألته، قال: وضّأت رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ في غزوة تبوك فمسح على خفّيه.(1)
الثالث: دراسة سائر الروايات
قد روى غير واحد من المحدّثين فعل النبي في السفر أو في السفر والحضر وأنّه مسح على الخفّين، والغالب عليها هو نقل فعل النبي من دون أن يذكر فيها لفظه وأنّه أمر لفظاً بالمسح على الخفّين، وعلى فرض أنّه أمر بالمسح على الخفين لم تُعيّن ظروف العمل، وقد جمع أبو بكر البيهقي عامّة الروايات في السنن، فنذكر قسماً كبيراً ممّا رواه:
1. عن سعد بن أبي وقّاص أنّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ مسح على الخفّين.
2. عن حذيفة قال: مشى رسول اللّه إلى سباطة قوم فبال قائماً، ثمّ دعا بماء فجئته بماء فتوضّأ ومسح على خفّيه. وقال: رواه البخاري في الصحيح عن آدم بن أبي أياس، ورواه مسلم من وجه آخر عن الأعمش.
وكفى في ضعف الرواية الثانية أنّه نسب إلى النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ما لا يليق بمنزلته ومكانته ولا يرتكبه إلاّ الأراذل من الناس.
كيف يمكن أن ينسب إلى النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ انّه بال قائماً مع أنّ المروي عن ابن مسعود انّه قال: من الجفاء أن تبول وأنت قائم، وكان سعد بن إبراهيم لا يجيز شهادة من بال قائماً.
قالت عائشة: من حدّثكم انّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كان يبول قائماً فلا تصدّقوه، ما كان يبول إلاّ قاعداً.
1 . سير اعلام النبلاء:3/22.