الغسل وقراءة الجر
إنّ القائلين بغسل الأرجل برّروا قراءة النصب بوجه قد عرفت ضعفه وعدم انسجامه مع القواعد العربية، ولكنّهم لمّا وقفوا على قراءة الجرّ وانّها تدلّ على المسح دون الغَسْل حاروا في تبريرها وتوجيهها مع القول بالغسل، فانّ قراءة الجر صريحة في أنّ لفظة (وأرجلكم) معطوفة على (برءُوسكم) فيكون حكمها حكم الرؤوس، وعند ذلك مالوا يميناً ويساراً حتّى يجدوا لقراءة الخفض مع القول بالغَسل مبرّراً، وليس هو إلاّ القول بالجرّ بالجوار.
وحاصله: انّ قوله (وأرجلكم) محكوم حسب القواعد بالنصب لكونها معطوفة على قوله: (وجوهكم)، ولكنّه اكتسب اعراب الجرّ من قوله: (برءُوسكم) لأجل وقوعه في جنب لفظ مجرور وهذا ما يقال له: «الجرّ بالجوار» وهو ترك اللفظ اعرابه الطبيعي واكتساب اعراب اللفظ المجاور معه، وقد مثلوا له بقولهم «جحر ضبّ خرب» فانّ قوله «خرب» خبر لقوله: «جحر» ولكنّه قرأ بالجرّ لوقوعه في جنب كلمة ضبّ حيث إنّه مجرور باعتبار كونه مضاف إليه.
وبما انّ الجرّ بالجوار إمّا غير واقع في فصيح اللغة، وعلى فرض وقوعه فله شروط مفقودة في المقام، نعقد لبيان الموضوع الفصل التالي.