الثالثة: انّ الرائي كان أربعة عشر شخصاً لا واحداً
يظهر ممّا رواه الحلبي أنّ الرائي للأذان لم يكن منحصراً بابني زيد والخطاب، بل ادّعى أبو بكر أنّه أيضاً رأى نفس ما رأياه، وقيل: سبعة من الأنصار، وقيل: أربعة عشر (1) كلّهم ادّعوا أنّهم رأوا في الرؤيا الأذان، وليسـت الشريعـة شرعة لكـل وارد، فـإذا كانت الشريعـة والأحكـام خاضعة لـرؤيـا كـلّ وارد فعلى الإسلام السلام.
الرابعة: التعارض بين نقل البخاري وغيره
إنّ صريح صحيح البخاري أنّ النبي أمر بلالاً في مجلس التشاور بالنداء للصلاة وعمر حاضر حين صدور الأمر، فقد روى عن ابن عمر: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحيّنون الصلاة، ليس ينادى لها، فتكلّموا يوماً في ذلك فقال بعضهم: اتّخذوا ناقوساً مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقاً مثل قرن اليهود، فقال عمر: أوَ لا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة؟ فقال رسول اللّه: يا بلال قم فناد بالصلاة. (2)
وصريح أحاديث الرؤيا: أنّ النبي إنّما أمر بلالاً بالنداء إذ قصّ عليه ابن زيد رؤياه ولم يكن عمر حاضراً وإنّما سمع الأذان وهو في بيته، خرج وهو يجرّ ثوبه ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول اللّه لقد رأيت مثل ما رأى.(3)
وليس لنا حمل ما رواه البخاري على النداء بـ «الصلاة جامعة» وحمل
1 . السيرة الحلبية: 2/300.2 . صحيح البخاري: 1/120، باب بدء الأذان.3 . لاحظ الحديث رقم2.