أدى بكثير من أهل الأشغال إلى ترك الصلاة ـ كما شاهدناه عياناً ـ بخلاف الجمع فانّه أقرب إلى المحافظة على أدائها، وبهذا ينقلب الاحتياط إلى ضده، ويكون الأحوط للفقهاء أن يفتوا العامة بالجمع وأن ييسّروا ولا يعسّروا ـ (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُريدُ بِكُمُ الْعُسْر) (1) (وَمَا جَعَل عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج) (2) والدليل على جواز الجمع مطلقاً موجود والحمد للّه سنة صحيحة صريحة كما سمعت بل كتاباً محكماً مبيّناً.(3)
2. الحديث لا ينص على جمع التقديم والتأخير
قال القاضي شرف الدين الحسين بن محمد المغربي في كتابه «البدر التمام في شرح بلوغ المرام»: إنّ حديث ابن عباس لا يصح الاحتجاج به، لأنّه غير معيِّـن لجمع التقديم والتأخير كما هو ظاهر رواية مسلم وتعيين واحد منها تحكم، فوجب العدول إلى ما هو واجب من البقاء على العموم في حديث الأوقات للمعذور وغيره وتخصيص المسافر بثبوت المخصص.(4)يلاحظ عليه: أنّ ابن عباس لم ينقل كيفية الجمع لوضوحها فانّ الجمع في الحضر كالجمع في السفر، فكما أنّه يجوز في السفر بكلتا الصورتين جمع التقديم وجمع التأخير كما مرّ التنصيص به فيما سبق.(5) فكذلك في الحضر، وسكوت ابن عباس وعدم سؤال الرواة عن الكيفية يعرب عن أنّهم فهموا من كلامه عدم
1 . البقرة:185.2 . الحج:78.3 . مسائل فقهية:9.4 . حكاه السيد محمد بن إسماعيل الصنعاني المعروف بالأمير في كتابه سبل السلام:2/43.5 . لاحظ الرواية 3و4 في فصل الجمع بين الصلاتين في السفر من الصنف الثاني،ص279.