عصر نزول الآية ويسمع كلام اللّه من فم الرسول ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ أو أصحابه، فما يفهمه عند ذاك حجة بينه و بين ربه، وليس له عند ذاك، الركون إلى الاحتمالات والوجوه المختلفة التي ظهرت بعد ذلك الوقت .
فلو عرضنا الآية على عربي بعيد عن الأجواء الفقهية، وعن اختلاف المسلمين في كيفية الوضوء وطلبنا منه تبيين ما فهمه لقال بوضوح:
إنّالوضوء غسلتان و مسحتان دون أن يفكّر في أنّ الأرجل هل هي معطوفة على الرؤوس أو معطوفة على وجوهكم؟ فهو يدرك بأنّها تتضمّن جملتين صُرّح فيهما بحكمين:
بدئ في الجملة الأُولى: (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) بغَسْل الوجوه ثمّعطفت الأيدي عليها، فوجب لها من الحكم مثل حكم الوجوه لأجل العطف.
ثمّ بدئ في الجملة الثانية:(وَامسحوا برءُوسكم وأرجلكم إلى الكَعبين) بمسح الرؤوس ثمّعطفت الأرجل عليها، فوجب أن يكون لها من الحكم مثل حكم الرؤوس لأجل العطف، والواو تدلّعلى مشاركة مابعدها لما قبلها في الحكم.
والتفكيك بين حكم الرؤوس وحكم الأرجل لا يحتمله عربي صميم، بل يراه مخالفاً لظهور الآية.
2.التمسّك بروايات الغسل المنسوخة
يظهر من غير واحد من الروايات أنّ غسل الرجلين كان سنّة أمر بها النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ في فترة من عمره، ولمّا نزلت سورة المائدة وفيها آية الوضوء والأمر بمسح