الرابع:
احتدام النزاع بين الصحابة
في حياة النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قد عرفت أنّ العرب في العصر الجاهلي يفرزون العمرة عن الحجّ ويأتون بها في غير أشهر الحجّ، وقد كان الجمع بينهما من أفجر الفجور، وقد ترسخت تلك الفكرة عند العرب في العصر الجاهلي حتّى أضحت جزءاً من كيانهم، فالدعوة إلى إدخال العمرة في الحج كانت دعوة على خلاف ما شبّوا وشاخوا عليه، ولذلك لمّا أمرهم النبي بإدخال العمرة إلى الحجّ وجعل الإهلال للحجّ عمرة، تعاظم أمرهم وثارت ثورتهم، وقاموا بوجه النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ على نحو أثاروا غضبه ، وإليك بعض ما روي في المقام:1. أخرج مسلم عن عطاء قال: سمعت جابر بن عبد اللّه (رضي اللّه عنه) في ناس معي قال: أهللنا أصحاب محمد بالحجّ خالصاً وحده، قال عطاء: قال جابر: فقدم النبي صبح رابعة مضت من ذي الحجّة فأمرنا أن نحل، قال عطاء: قال: حلّوا وأصيبوا النساء، قال عطاء: ولم يعزم عليهم ولكن أحلهنّ لهم، فقلنا: لما لم يكن بيننا و بين عرفة إلاّ خمس، أمرنا أن نفضي إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكرنا المني.