هذا ما وقفنا عليه من النصوص عن النبي الأعظم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، وقد أخذ بها لفيف من الصحابة وغيرهم; منهم: عمر بن الخطاب، وابنه، وابن عباس، وجابر، وجبير بين مطعم، والحسن، والقاضي إسماعيل، وحماد بن أبي سليمان، وعمر بن عبد العزيز، وقتادة، والكوفيون.(1)
أضـف إلـى ذلك اتّفـاق أئمّة أهل البيتعليهم السَّلام ، وفقهاء الشيعة مـن عصـر الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ إلـى يومنـا هذا.
أترى مع هذه الأحاديث مجالاً للقول بأنّ القصر في السفر رخصة لا عزيمة؟! ولو كان الإتمام في السفر سائغـاً لكـان رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يعـرب عنه بقول أو بفعل ولـو بإتيانـه في العمر مـرّة لبيـان جـوازه كما يفعـل في غير هذا المورد.
أخرج مسلم في صحيحه من حديث بريدة قال: كان النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يتوضّأ عند كل صلاة فلمّا كان يوم الفتح صلّى صلوات بوضوء واحد. فقال له عمر: إنّك صنعت شيئاً لم تكن تصنعه؟ فقال: «عمداً صنعته» أي لبيان الجواز.(2)
ولو كان هناك ترخيص لما خفي على أكابر الصحابة حتّى نقدوا من أتمّها نقداً مرّاً. وبذلك تعلم قيمة تبرير عمل المتمّين بأنّ الإتمام والقصر مسألة اجتهادية اختلف فيها العلماء.(3)
قصر الصلاة بمنى
تضافرت الروايات على أنّ الرسول ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ والخلفاء بعده وحتّى عثمان في سنين
1 . الجامع لأحكام القرآن: 5/351.2 . صحيح مسلم: 1/122; نيل الأوطار: 1/258.3 . الرياض النضرة: 2/251.