5 - مصدر الاختلاف
فإذا كانت بداية الاختلاف في عهد الخليفة الثالث، فهناك سؤال يطرح نفسه: ما هو سبب الاختلاف في أمر الوضوء بعد ما مضت قرابة عشرين سنة من رحيل الرسول ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، فنقول: هناك وجوه واحتمالات:
1. اختلاف القراءة
ربما يتصوّر انّ مصدر الخلاف في ذلك العصر هو اختلاف القراءة حيث إنّ القرّاء اختلفوا في إعراب (وأرجلكم) في قوله سبحانه: (فَامْسَحُوا بِرُءُوسكم وَأَرجلكم)، فمنهم من قرأ بالجرِّ عطفاً على الرؤوس الذي يستلزم وجوب المسح على الأرجل، ومنهم من قرأ بالفتح عطفاً على (وجوهكم)في قوله: (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم)الذي يستلزم الغسل.
إنّهذا الوجه باطل جداً، فانّ العربي الصميم إذا قرأ الآية مجرّداً عن أي رأي مسبق لا يرضى بغير عطف الأرجل على الرؤوس، سواء أقرأ بالنصب أم بالجر، وأمّا عطفه على وجوهكم فلا يخطر بباله حتّى يكون مصدراً للخلاف.
فعلى من يبتغي تفسير الآية وفهم مدلولها، أن يجعل نفسه كأنّه الحاضر في