سوق فی ظل الدولة الإسلامیة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
الأول: أن قسماً من السوق ـ على الأقل ـ كان عبارة عن غرف وبيوت، مبنية معدة للتجارة، يشير إلى ذلك ما جاء في الحديث الأول: كان علي عليه السلام لا يأخذ على بيوت السوق كراء.كما أن قسماً آخر من السوق كان على شكل رحبة فسيحة، لا بناء فيها، يضع الناس فيها سلعهم، ويبيعونها، ثم يتركون أمكنتهم إلى اليوم التالي، فمن سبق إلى موضع منه، فهو أحق به، ولا يجوز لأحد مزاحمته إلى اللي.الثاني: وإذا تحقق لدينا: أن قسماً من السوق كان بيوتاً، لم يكن علي عليه السلام يأخذ عليها كراءً، حسبما نصت عليه الرواية.. فإننا نفهم من ذلك: أن بناء السوق لم يكن ملكاً للناس، وإنما كانت الدولة تملكه، وتجعله بتصرف التجار، إما على وجه التمليك، حيث يتصدق بها عليهم، كما يفهم من الرواية المتقدمة، عن محمد بن عبد الله بن الحسن عن النبي صلى الله عليه وآله، أو تبقى في ملكية الدولة، وتعطيهم حق الانتفاع بها، كما يفهم مما عن أمير المؤمنين عليه السلام، وكراهته أخذ الكراء على بيوت السوق. بل إن تصدق النبي صلى الله عليه وآله بالأسواق على المسلمين، قد يكون معناه، إباحة الانتفاع بها لهم، لا تمليكهم إياها، بصورة مطلقة.وخلاصة الأمر: أن ما تقدم يشير إلى أن المرسوم والمتعارف في ذلك الوقت، هو: أن الدولة هي التي تقوم ببناء السوق، ثم تضع ذلك بتصرف التجار.كما ويظهر مما يأتي: أن بعض الناس كان يبني لنفسه متجراً فيما يملكه، ولكنه قد يتعدى ويبنيه في سوق المسلمين، أو في أماكن لا يحق له أن يبني فيها، فيمنعه الحاكم، ويهدم ما بناه، كما جرى مع أمير المؤمنين.الثالث: أن أمير المؤمنين عليه السلام، كان يكره أن يأخذ على بيوت السوق كراءً وأجراً، بل كان يضع تلك البيوت بتصرف التجار مجاناً، ومن دون أي مقابل، وذلك لاهتمامه البالغ بالتجارة، وحرصاً على تشجيعه.ولو أراد أن يأخذ كراءً لجاز ذلك له، ولكن المهم عنده هو صلاح الأمة، ورخاؤه.كما أنهم يقولون: إن أول من أخذ على السوق أجراً زياد لعنه الله[40]. وذلك حرصاً على الدنيا، وحباً للمال، الذي يستأثرون به لأنفسهم، دون كل أح.