سوق فی ظل الدولة الإسلامیة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ما كنا نعشر مسلماً ولا معاهدا.قال: قلت: فمن كنتم تعشرون؟! قال: تجار أهل الحرب، كما يعشرونا إذا أتيناهم[179].لابد وأن يحمل على ما قبل أمر عمر بتعشير المسلم، والذمي كالحربي.هذا.. إن لم نقل: إنه مجعول لتبرير مخالفة الخليفة لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآل.فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قد نهى بشدة عن تعشير المسلم والذمي بصورة صريحة[180].. كما أنه قد ورد ذم كثير للعشار وصاحب المكس[181].وإنما أبطله رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنه كان من عمل الجاهلية[182].بل يظهر: أن ذلك مأخوذ من أهل الكتاب، حسبما صرحت به التوراة المحرفة وكذلك الإنجيل المحرف، الموجودان بين أيدينا ـ صرحا بذلك ـ في موارد كثيرة، كما أشار إليه المقريزي أيضاً[183].وقد روى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه الصلاة والسلام، في أهل الجزية: يؤخذ من أموالهم ومواشيهم شيء، سوى الجزية.قال: لا[184].. ويمكن حشد شواهد ودلائل كثيرة تدل على المنع من التعشير، لا مجال لها هنا.وبعد النواهي الكثيرة المتقدمة من قبل النبي صلى الله عليه وآله عن أخذ العشور، يتضح لن.عدم صحة ما رواه ابن قدامة، من أن عمر قد بعث أنس بن مالك مصدقاً في العشور، فقال أنس: يا أمير المؤمنين، تقلدني في المكس من عملك؟! فقال عمر: قد قلدتك ما قلدني رسول الله صلى الله عليه وآله، قلدني أمور العشر، وأمرني أن آخذ من المسلم ربع العشر، ومن الذمي نصف العشر، ومن الحربي العشر كله[185].فإن الظاهر هو: أن هذه الرواية قد افتعلت لتبرير وضعه للعشور والمكوس، رغم النهي والتأكيد، المتكرر من رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك، ولم يكن في عهد رسول الله، ولا في خلافة أبي بكر، ولا شطراً من خلافة عمر نفسه مكوس ولا عشو.