محور التجاوزی فی شعر المتنبی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محور التجاوزی فی شعر المتنبی - نسخه متنی

أحمد علی محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

المتنبي لم يخرج على طريقة العرب في المديح من جهة المبالغة والتضخيم, إلا أنّ شعره المدحي قد شكّل انزياحاً واسعاً حين ارتقى بنفسه إلى رتبة الممدوح لتصبح القصيدة ترسم صورتين بينهما تماثلٌ وتوازٍ: صورة الممدوح الماجد البطل الهمام العاقل الجواد, وصورة الشاعر العبقري المتميز المتفرد الذي يقلد ممدوحه الدرر الفريدة التي لا تقل أهمية عن العطاء. لقد تسنى للمتنبي أنّ يتصرف في توجيه الخطاب الأدبي في مدائحه على نحو خاص, فلم يعد يخاطب ممدوحه, كما جرت العادة, خطاب الضعيف للقوي, وخطاب ذي الحاجة للثري, وإنّما خاطب الممدوح كما يخاطب الصديق صديقه, والمحب حبيبه, والقرين قرينه. لقد ألغى المسافة في موضوع المدح بين المخاطِب والمخاطَب, وكان ذلك عند المتقدمين يدخل في باب سوء أدب الشاعر, لكن المتنبي قد نجح في حمل الممدوحين على تقبل خطابه الثقيل, فرفع نفسه إلى مكانة لم يستطع بلوغها شاعر قط عند ممدوحه. لقد أصبحت القصيدة المدحية عند المتنبي تصويراً لمآثر الذات بصورة تعدل تصوير مآثر الآخر, وربما بالغ في تضخيم ذاته حتّى علا ذكرُهُ ذكرَ الممدوح, وغلبت فضائله صفات المخاطب يقول لكافور :




  • وما أنا بالباغي على الحُبِّ رِشْوَةً
    وما شئت إلا أن أدلَّ عواذلي
    وأعلم قوماً خالفوني فشرّقوا
    إذا نلتُ منك الودَّ فالمالُ هينٌ
    وكلُُّ الذي فوق الترابِ ترابُ



  • ضَعِيف هوىً يُبْغَى عليه ثوابُ
    على أنّ رأيي في هواك صوابُ
    فغرّبتُ أنّى قد ظفرتُ وخابوا
    وكلُُّ الذي فوق الترابِ ترابُ
    وكلُُّ الذي فوق الترابِ ترابُ



إنّ هذا الخطاب فيه عدول واضح عن سُنن المديح, فلم تجرِ تلك السنن عند سائر الشعراء على هذا النهج, ولم يكن أحد من الشعراء في حضرة الممدوح (الملك) يتطاول إلى هذا الحدّ, ولم يكن يطلب شاعر ودَّ الممدوح, ويسمى مكافأته رشوة, وأعطياته أمراً هيناً, لهذا كان المعنى في هذا الباب فريداً ومخترعاً كما قال المتقدمون, لأن المتنبي قد تدرج فيه إلى مماثلة الملوك. لقد بلغ المتنبي من الجرأة على ممدوحيه بحيث استرق كلّ أضواء قصيدة المدح, وذلك بإظهار نفسه محباً وامقاً للممدوح, وإن كان قد غلّف خطابه في هذا الأمر بوشاح من المحبة التي لم تكن معهودة إلا في أرفع نماذج الغزل العربي, فإنّ ذلك دعاه إلى تضمين خطاباته في المديح كل ما كانت تنطوي عليه نفسه من المشاعر والانفعالات, إذ حوّل هذا الموضوع بلغة أخرى إلى جانب ينحاز إلى الكلام على علاقة شخصية مميزة بالممدوح, وصار بوسعه أن يتحرك من خلال ذلك الخطاب بحرية مطلقة, والغريب أنّ ذلك الأمر أصبح عنده من دواعي القصيدة المدحية, وفكرة مركزية فيها, ندر أن تختفي في نماذجه المشهورة في هذا الباب, وبهذا استطاع أن يؤسس جملة من المعاني الشعرية في المدح نواتها تلك العلاقة الشخصية التي تربطه بالممدوح, والتي تؤهله بطبيعة الحال إلى لوم المخاطب وعذله وانتقاده أو حتّى الانصراف عنه ومفارقته كما برز بوضوح في بعض قصائده التي قالها في سيف الدولة الحمداني بصورة خاصة حيث قوله :




  • وَاحَرَّ قَلبَاهُ مِمّنْ قلبُهُ شَبِمُ
    مالي أكتِّمُ حُبّاً قد برى جسدي
    إنْ كان يجمعنا حبّ لغرَّته
    يا أعدلَ النّاس إلا في معاملتي
    أعيذُها نظراتٍ منك صادقةً
    وما انتفاعُ أخي الدُّنيا بناظرِهِ
    إذا استوتْ عنده الأنوارُ والظُّلَمُ



  • وَمَنْ بجسمي وحالي عندَهُ سَقَمُ
    وتدّعي حبَّ سيف الدّولة الأمم
    فليتَ أنَّا بِقَدْرِ الحُبّ نقتسم
    فيك الخصامُ وأنت الخصم والحكم
    أنْ تَحْسِبَ الشّحمَ فيمن شحمه ورم
    إذا استوتْ عنده الأنوارُ والظُّلَمُ
    إذا استوتْ عنده الأنوارُ والظُّلَمُ



/ 82