4 ــ توليد الدلالة
إنّ العدول الدلالي في شعر المتنبي باب واسع جداً، ولعل في الأمثلة القليلة التي نضربها هنا ما يغني عن الإحصاء، وهدفنا من الانتقاء تسليط الضوء على ما هو بارز لتأكيد سرّ تفرد المتنبي، من أجل ذلك كانت المعاني المحدثة في شعره شواهد حاضرة على الدوام لتبيان ما انطوى عليه شعره بعامة من تميز، فشعره عامة ينم على مقدرة بالغة في التوليد، كما أنّ لديه طاقة لا تحد لتأسيس المعنى الذي وإن وجد شبيهاً عند متقدميه إلا أنّه قد تعلق به وصار من الرّسوم الفنية والموضوعية التي أوجدها بالصورة التي نقرأها في قوله :
1. أمِنَ ازديارَكِ في الدّجى الرّقباءُ
2. قلقُ المليحةِ وهي مسكٌ هتكها
3. أسفي على أسفي الذي دلهتني
4. وشكيّتي فَقْدُ السّقام لأنّه
5. مثلتِ عينَكِ في حشاي جراحة
فتشابها كلتاهما نجلاءُ
إذ حيثُ أنتِ من الظلام ضياءُ
ومسيرُها في الليل وهي ذُكاء
عن علمه فبه عليّ خَفَاءُ
قد كان لما كان لي أعضاء
فتشابها كلتاهما نجلاءُ
فتشابها كلتاهما نجلاءُ