8 ـــ وضع الألفاظ في غير موضعها - محور التجاوزی فی شعر المتنبی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محور التجاوزی فی شعر المتنبی - نسخه متنی

أحمد علی محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الطريقة التي جانبت الجزالة وخرجت على الاستقامة، ومن يرجع إلى جديد بشار ومسلم وأبي نواس وأبي تمام والمتنبي أيضاً يجد أن الشعر قد تخلى عندهم عن الجزالة التي كانت صفة ملازمة للقصيدة العربية في الجاهلية والإسلام، كما أن الشعر المحدث بصورة عامة آل إلى السهولة والتلقائية وكلام العامة والسوقة مما أبعده عن الاستقامة أو الحيدة عن السنن الرصينة والقواعد الصارمة التي كانت ترعاها لغة الشعر في السابق.

وليس تناقضاً أن يعمد شاعر مثل المتنبي تارة إلى الغريب وتارة أخرى إلى السهل البسيط لأنه في الحالين يخرج عن مفهوم الجزالة والاستقامة، فقد أراد تجاوز الأنساق المعروفة والمعتادة.

لقد سجلت شواهد كثيرة تدل على تجاوز أبي الطيب في هذا الباب، أظهرها قوله:




  • إني على شغفي بما في خمرِهَا
    لأعفّ عمّا في سَراويلاتها



  • لأعفّ عمّا في سَراويلاتها
    لأعفّ عمّا في سَراويلاتها



إنّ المشكلة التي يشخّصها البيت تتصل بقوله (سراويلاتها) إذ الشعراء عامة كما يقول النقاد تصف المآزر تنزيهاً لألفاظها عمّا يستشنع ذكره، فغاية الشاعر إرضاء للذوق استعمال اللفظ الرفيع أو اللفظ الذي لا يخمش الحياء، وهو ما نصطلح على تسميته باللفظ الشاعري حتى بات المطلب النقدي الذي يلحّ على هذه الناحية في الاستعمال اللغوي أشبه بالقاعدة أو النظام، والمتنبي في استعماله لفظ (سراويل) بمكان (مآزر) خرق المعتاد وكسر النسق ليحدث أشبه بالصدمة في نفس المتلقي، والغاية من هذا الصنيع تخرج في الواقع عن كون محور الاستبدال لديه قد رجح هذا اللفظ، على قبحه بنظر النقاد، دون غيره، لأن هدف المتنبي هنا تحقيق ضرب من الصدق الفني الذي يفترض استعمال اللغة على غير مثال، أو إنه أراد أن ينزّه لغة الشعر عن المعهود أو ما يجري في الطباع، وهو بذلك يعمد إلى مخاطبة المتلقي بغير ما هو متوقع، ولم يرَ مانعاً من ترك المجال مفتوحاً أمام القصيدة لكي تنهل من ألفاظ يعدها النقاد من ألفاظ العامة.

إن تخلّي المتنبي عن اللغة الشعرية لا يعني بأية حال أنه أراد أن يخفف من وهج القصيدة، أو يخمد تألقها، بل على العكس تماماً فقد أراد أن يزيد من مساحتها لتسبح في فضاء حر غير محدد، فإذا كان الشعر في عصره قد لبث في إطار الرفعة والسمو من جهة اللغة، فإن امتداد يد القصيدة لتتناول ألفاظاً لم تكن معدودة في كلام الشعراء ضرب من التجاوز الذي يلبي لديه نازع التميز والاختلاف.

لم يكن العيب في الشاهد الآنف موصولاً باللفظ فحسب، بل امتد إلى المعنى الذي رأى فيه نفر من النقاد ضرباً من العهر، فقيل إن كثيراً من العهر أحسن من هذا العفاف، والواقع أن المتلقي لم يلتفت إلى المعنى الذي انطوى عليه الشاهد، والسبب في ذلك اللفظ الرديء الذي أدى به المتنبي معناه، ففي البيت معنى يتصل بالعفة، غير أن المعنى الجيد مع اللفظ الرديء ليس بكبير طائل عندهم، ومن هنا نرى أن الفعل المقصود من التجاوز على صعيد اللغة إنما يستهدف تجنب المعتاد، طمعاً بالإثارة والخلاف، وهو الأمر الذي كان يستأثر بكامل اهتمام شاعر كأبي الطيب.

8 ـــ وضع الألفاظ في غير موضعها

ثمّة مشكلة يثيرها المتنبي في تناوله المعاني الشعرية تتصل بنزوعه المقصود إلى الخروج عما هو مألوف، وكما أن ألفاظه قد أثارت استهجان النقاد كذلك كانت معانيه موضع تساؤل وجدل، وكان لذلك مقصراً عند كثير من خصومه في وضع معانيه في موضع مناسب بحسب سياقات المعاني التي جرى العرف عليها، فمن هذه الناحية عيب عليه قوله:




  • أغارُ من الزُّجاجةِ وهي تجري
    على شَفَةِ الأمير أبي الحُسينِ



  • على شَفَةِ الأمير أبي الحُسينِ
    على شَفَةِ الأمير أبي الحُسينِ



والغريب في الأمر أن الثعالبي الذي أثنى على صنيع المتنبي في توظيفه ألفاظ الغزل في موضوع المدح كما هو الشأن في مديحه سيف الدولة خصوصاً، عاب عليه هنا أن يعبر عن غيرة لا تكون إلا بين المحب ومحبوبه، والصحيح أن المتنبي من عادته أن يزيل الحدود بين الموضوعات، ويتجاوز المعهود في التعبير، وهو الأمر الذي عبّر عنه بقوله في شاهد آخر:

/ 82