6 ـــ النزوع إلى الوحشي - محور التجاوزی فی شعر المتنبی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محور التجاوزی فی شعر المتنبی - نسخه متنی

أحمد علی محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الفاعل، فضل عن القياس والسماع، وهذا ما كان قد عناه الثعالبي "لم يحك عن العرب الجائد" ومن ذلك أيضاً قوله:




  • فأرحامُ شعرٍ تتصلن لدنّهُ
    وأرحام مال لا تني تتقطعُ



  • وأرحام مال لا تني تتقطعُ
    وأرحام مال لا تني تتقطعُ



فقيل تشديد النون من "لدن" غير معروف في لغة العرب ولا يشدد إلا إذا كان فيه نون أخرى نحو لدنى ولدنا. وربّما حاول نفر غير الثعالبي أن يجد للشاعر مسوغاً في استعماله هذا الوجه أو ذاك، كما هو الشأن عند العكبري، غير أنّ الثعالبي فيما يبدو قد وافق ابن جني في هذا الرأي وابن جني قد رأى فيه قبحاً وشناعة، وكذا الجرجاني الذي عرض دفاع أبي الطيب نفسه عن هذا الاستخدام في قوله: "يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره" لم يخف إنكاره لمثل هذا الاستخدام أيضاً، وهو من جعل كتابه وسيطاً بين المتنبي وخصومه، والمسألة التي تحيل عليها تجاوزات أبي الطيب للغة عنوة حمّلها هو بحسب رواية الجرجاني على ما يجوز، وهذه شبه قاعدة لأنها امتياز للشاعر دون غيره، إذ الشاعر وحده يجوز لـه على صعيد اللغة ما لا يجوز لغيره، وهذه الناحية هي بالضبط ما يسعف بفهم الانحراف غير المقبول عن نسق اللغة العام، لأنّ الشاعر في ضوء هذا المسوغ اللامنطقي يمكن أن يشارك في اختراع الألفاظ أو اكتشاف صيغ ليست مبذولة لمستخدم اللغة العادي، وهنا يبدو الصراع الحقيقي الذي يبيح هذا النوع من التجاوز في الأصل، وفيه تتمثل الرغبة في كسر المحدود إلى المطلق، لأنّ الصانع معني بالاختراع، وهل هناك من هو معني بالاختراع اللغوي أكثر من الشاعر. لقد نظر أصحاب اللغة إلى التجاوز بغير منظار المبدعين، لأن اللغويين والنحاة وسائر المحافظين على البناء اللغوي المستقر يخشون من الفوضى، ويخافون من العبث، وهذا أمر مشروع وحرص مطلوب، غير أنّه من جانب آخر عملٌ مضاد للاختراع، إنه بمعنى آخر مضاد للشعر الذي يريد أن ينحاز إلى التفرد والتميّز، وإذا كان المتنبي بمحاولاته التجديدية قد أخفق في إقناع المتلقي بمثل هذه الصيغ، إلا أنه لفت الانتباه إلى قضية تستحق التأمّل ملخصها: هل ستبقى الألفاظ التي انطوت عليها المعجمات تلبي حاجاتنا إلى المعاني المتجددة على الدوام؟

6 ـــ النزوع إلى الوحشي

لعل أهم ما يجسد رغبة المتنبي في التجديد اللغوي، ذلك النزوع المحموم إلى إيجاد لفظ غريب لم ينطوِ عليه كلام السابقين، والغاية واضحة من ذلك وهي محاولة الكشف عن صيغ جديدة للتعبير عن الهاجس بالتفرد، من أجل ذلك وقعت في أشعاره مفردات لم يهتدِ أصحاب اللغة إلى هويتها، أو أنهم لم يألفوا مجيئها في سياق سابق، وعلى الصعيد الشعري صدم المتنبي إحساس المتلقين بمثل هذه المفردات عامة، وكأنه بالفعل أراد أن يضع في شعره من الألفاظ الغريبة ما يحمل على الإدهاش ليس أكثر فمن ذلك قوله:




  • وما أرضى لمقلتِهِ بحُلْمٍ
    إذا انتبهتْ توهّمهُ ابتشاكا



  • إذا انتبهتْ توهّمهُ ابتشاكا
    إذا انتبهتْ توهّمهُ ابتشاكا



وأراد بالابتشاك الكذب، فقيل لم يسمع شعر فيه هذه الكلمة إلا هذا البيت، ومن ذلك قوله أيضاً:




  • وإلى حصى أرض أقامَ بها
    بالنّاس من تقبيلها يَلَلُ



  • بالنّاس من تقبيلها يَلَلُ
    بالنّاس من تقبيلها يَلَلُ



فاليلل أراد به إقبال الأسنان والانعطاف على باطن الفم، وهذا ما لم يسمع به في شعر شاعر. وواضح أنّ مثل هذه الألفاظ تدل على رغبة تحنّ إلى الاختراع، وهي وإن كانت موضع إنكار عند المتلقين، إلا أنها مؤشرات ذات معنى على التجاوز المستمر لما هو معتاد. وهي من ثم من الفوارق الجوهرية التي تميز شعر أبي الطيب لكونها علامات تحمل بصماته على اللغة قبل كل? شيء.

7 ـــ التخلّي عن شاعرية اللفظ

ثمّة ألفاظ ربحها الشعر، فأضحت بعامل التقادم والمحاكاة خاصة به، وقد جاءت فكرة عمود الشعر الذي أراد لـه النقاد أن يجاري طريقة العرب في النظم أن يتحلى بهما أعني الجزالة والاستقامة، فالنقد عملياً حين أراد من لغة الشعر الأصيل أن تكون من جهة اللفظ جزلة مستقيمة، إذ الجزالة المقصودة هنا ترادف القوة، والاستقامة تعدل مطابقة السنن، فإنه بصورة مبطنة أو حتى معلنة يرفض طريقة المحدثين في النظم، تلك

/ 82