التوازن من لوازم الطبيعة والفن على حدّ سواء، لما لـه من أثر موجب في النفس التي تنفر من الاضطراب والخلل والقلقلة في الأشكال والألوان والصور، ففي الفن كما هو الشأن في الطبيعة يؤدي التوازن وظيفة جمالية حين يوحي بالانضباط والسكينة والدعة والتناظر، لهذا قيل إن الجمال هدوء وانضباط لأنه يبعث على الراحة والمسرة والارتياح، في حين دخل الصخب والهياج والعنف تحت إطار الجلال والروعة ^(^^)، وقد انتبه النقاد العرب إلى ما يحدثه التوازن في الشعر من لذة وبهجة في النفس لارتباطه بالمسموع فقال ابن طباطبا العلوي: "والعلة في قبول الفهم الناقد للشعر الحسن الذي يرد عليه، ونفيه للقبيح منه، واهتزازه لما يقبله، وتكرُّهه لما ينفيه، أن كل حاسة من حواس البدن إنما تقبل ما يتصل بها مما طبعت لـه إذا كان وروده عليها وروداً لطيفاً باعتدال لا جور فيه وبموافقة لا مضادة معها، فالعين تألف المرأى الحسن، وتقذى بالمرأى القبيح الكريه، والأنف يقبل المشم الطيب، ويتأذى بالمنتن الخبيث، والفم يلتذ بالمذاق الحلو ويمج البشع المر، والأذن تتشوف للصوت الخفيض الساكن وتتأذى بالجهير الهائل" ^(^^).
وشعر المتنبي في أغلبه قائم على التوازن والتناظر وأظهر ما يكون ذلك في قوله ^(^^):