5 ـــ قراءة الحاتمي شعر المتنبي في رسالته الموضحة - محور التجاوزی فی شعر المتنبی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محور التجاوزی فی شعر المتنبی - نسخه متنی

أحمد علی محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ولعلّه من الطريف أن يكون ابن عباد من أكثر أصحاب النثر سرقة لمعاني المتنبي فيما يندرج تحت إطار نثر المنظوم، وكان الثعالبي قد تتبع ما أخذه الصاحب بن عباد من شعر المتنبي ونثره في رسائله، وفي ختام ما عرضه الثعالبي مما أخذه الصاحب من المتنبي قال: "هذا غيض من فيض ما اغترفه الصاحب من بحر المتنبي، وتمثل به من شعره، ولو ذكرت نظائره لامتد نَفَس هذا الباب".

وخلاصة القول الذي أطلقه الصاحب في شعر المتنبي أنه شعر في كثير من شواهده مقتبس من غيره في محاولة لنفي صفة التفرد عنه. وهذه الغاية كما قلنا كانت تستهدف النيل من شخص المتنبي للأسباب التي بيناها، والسؤال الجوهري الذي نريد إطلاقه هنا: هل كان كلام الصاحب من الأسباب التي بينت بالفعل عوار شعر المتنبي على ما حفل به من بريق في نظر قراء شعره عامة؟ وهل كانت ملاحظاته حاجباً دون استقبال شعر المتنبي حتى عند منافسيه؟

إن ردة فعل القراء النقاد إزاء ما قاله الصاحب كما أشرنا كانت قوية، ولا سيما عند مناصري مذهب المتنبي في الشعر، ولكن القضية التي أثارها الصاحب وغيره لا تزال معلقة، ولم يؤذن الزمان بحسمها إلى يوم الناس هذا، وقد صاغها النقد الحديث بقضية التناص.

والواقع أنّ ثمة فارقاً جوهرياً بين التناص بمفهومه العصري والسرقة الشعرية التي تكلم عليها النقاد القدامى ولاسيما المناهضين لطريقة المتنبي الشعرية، ويشخص ذلك الفارق بوضوح في فهمنا للتناص الذي يعده أصحابه قضية تستحكم بأبنية النصوص، وتحكم وجودها أصلاً، والتناص لبيانه يستلزم الوقوف على نص كامل، ومعرفة بسياقات محددة تمكن من تبيان مقدار التداخل بين النصوص، ثم إنه صنيع يدخل في حكم القيمة على النص، أما السرقة فهي جهد شخصي وخلاصة موقف أو قراءة ليست محايدة تماماً. إن السرقة نتاج قراءة منحازة لأنها محكومة بهدف وغاية، وهي بعد ذلك من مساوئ الشعراء مع ما بينه النقاد من أشكال محمودة في هذا المجال، وآية ذلك التسمية التي اختيرت لهذا العمل الشعري، فعندما قالوا: سرقة أفادوا أنها مذمومة أخلاقياً وفنياً، ولو أرادوا غير هذا المعنى لقالوا استعارة مثلاً، ومع أن الاستعارة مستخدمة للتعبير عن الصورة عند النقاد لكنها لا تمثل في الواقع شيئاً مذموماً مع أن الشاعر يسترق فيها النظر إلى الطبيعة والكون والأشياء من حوله، لكن لم يعتد الناس على تناولها بمثل الصورة التي جاءت عليه في شعر هذا أو ذاك.

وإذا عددنا السرقة استعارة أي استعانة الشاعر بما يتاح لـه من نتاج الشعراء أو ما تناهى إلى سمعه من أقوالهم أمكن أن تكون السرقة كالاستعارة داخلة في موضوع المحاكاة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، مع فارق بسيط هو أن السرقة تتناول أخص أدوات الشعر كالألفاظ والمعاني والقوالب، في حين هناك عناصر تسهم هي الأخرى في تكوين الشعر إلا أنه لا يحسن عدها مسروقة مثل الموضوعات، لأن تلك الموضوعات تقع في دائرة العموم والاشتراك، وتدخل وسائل التعبير عنها في دائرة الفن. من أجل ذلك كانت المعاني والألفاظ مداراً للسرق مع أنّها من مكونات الشعر أيضاً. ومؤدى القول إن إزالة اللبس العالق بالفهم من جراء اعتبار السرقة الشعرية أمراً مرذولاً ليس بالمستطاع لأنها غدت من مكونات الفهم الشعري نفسه، ولكن الحكم المرتبط بغاية في هذا المجال يمكن أن يرد، وهو الأمر الذي ظهر واضحاً في قراءة بعض شواهد المتنبي من قبل الصاحب، فأحسسنا أنه قام بإكراه فعل القراءة لينعطف حكمه النقدي باتجاه الغاية التي رمى إليها وهي إثبات سرقات المتنبي من غيره، مع أن المنهج الذي اتخذه لبلوغ تلك الغاية لا يدعم نيته في إدانة أبي الطيب، فصار حجة عليه أكثر منه حجة لـه.

5 ـــ قراءة الحاتمي شعر المتنبي في رسالته الموضحة

أنشأ الحاتمي رسالته في سرقات المتنبي بعد عودته من مصر، إذ أشار في مقدمته إلى ذلك بقولـه: "ولما ورد أحمد بن الحسين المتنبي مدينة السلام منصرفاً من مصر، ومتعرضاً للوزير أبي محمد المهلبي للتخييم عليه والمقام لديه: التحف رداء الكبر، وأذال ذيول التيه، وصعر للعراقيين خده، وأرهف للخصام حده..."،ومن الملاحظ أنّ الحاتمي قد تصرّف في خبر قدوم المتنبي إلى بغداد، إذ انفرد بالإشارة إلى تخييمه

/ 82