9 ـــ الرؤية - محور التجاوزی فی شعر المتنبی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محور التجاوزی فی شعر المتنبی - نسخه متنی

أحمد علی محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




  • فِراقٌ ومَنْ فارقتُ غيرُ مُذَمِّمِ
    سجيةُ نفسٍ ما تزال مليحةً
    وما منزلُ الّلذّاتِ عندي بمنزلٍِ
    رحلتُ فكم باكٍ بأجفان شادنٍ
    وما ربَّةُ القُرط المليح مكانُهُ
    فلو كان ما بي من حبيبٍ مُقنَّعٍ
    عذرتُ ولكنْ من حبيبٍ مُعَمَّمِ



  • وأَمٌّ ومن يَمَّمتُ خيرُ مُيَمَّمِ
    من الضيم مرميّاً بها كلّ مَخرم
    إذا لم أَبجَّلْ عنده وأُكرّمِ
    عليَّ وكم باكٍ بأجفان ضيغمِ
    بأجزعَ من ربِّ الحسام المُصَمِّمِ
    عذرتُ ولكنْ من حبيبٍ مُعَمَّمِ
    عذرتُ ولكنْ من حبيبٍ مُعَمَّمِ



إنّ الفراق والقصد كانا عند المتنبي بمقام واحد, كما يشير في فاتحة هذه الأبيات, فالذي فارقه, ويعني سيف الدولة، غير مذمم, وكذا من قصده، ويعني كافوراً، كان خير ميمم, وهذا الخطاب المزدوج فيه انحراف عن المألوف لأن المتنبي فارق سيف الدولة غاضباً, ومع ذلك ظل قلبه نابضاً بمحبته, وظلت صورته في خياله وهو ينشد كافوراً بعض مدائحه, وقد كشف المتنبي عن هذه المشاعر بوضوح في البيت الأخير حين ذكر أن الألم الذي في فؤاده لم يكن من جراء مفارقته حبيباً مقنعاً أي امرأة, وإنما كان من جراء مفارقته حبيباً معمماً يريد سيف الدولة. الواقع أنّ الرمز الذي لاح لنا في هذا الشاهد لا يتمثل بالكناية التي جاءت في البيت الأخير فحسب, وإنما نلحظ ذلك في جملة من المعاني التي انطوى عليها الشاهد, وهي تلك التي تنحو منحى رمزياً واضحاً يكشف عن مشاعر خبيئة استوطنت ذات المتنبي وهو ينشد شعراً بين يدي كافور, والسؤال المهم في هذا السياق: ما دواعي استحضار صورة سيف الدولة في هذا المقام الذي لا يستدعي من الناحية الموضوعية سوى الإشادة بفضائل المخاطب؟ قد تكون المسألة برمتها كما قال النقاد: إن المتنبي لم يكن قد أخلص المدح لكافور فبقيت في ذهنه صورة سيف الدولة, بيد أن الخطاب المتعدد في هذا المجال يحمل بصمات الذات التي استطاعت أن تنتج خطاباً ذكياً يصور أدق خلجات النفس, وفي الوقت نفسه يعبر عن صدق تجاربه السابقة فيستوفي الكلام على حيثيات الموقف, فمن هذه الجهة أرضى كافوراً الإخشيدي, ولم ينسَ سيف الدولة الحمداني. فهذا الازدواج في المعاني قريب مما سماه النقاد بالمدح الموجه, أي كالثوب الذي لـه وجهان مثل قوله :




  • من الأعمار ما لو حويته
    لهنئت الدنيا بأنك خالد



  • لهنئت الدنيا بأنك خالد
    لهنئت الدنيا بأنك خالد



وقد أثنى ابن جني على هذا المعنى قائلاً: "لو لم يمدح أبو الطيب سيف الدولة إلا بهذا البيت وحده لكان قد بقي فيه ما لا يخلقه الزمان, وهذا هو المدح الموجه لأنّه بنى البيت على ذكر كثرة ما استباحه من أعمار أعدائه, ثم تلقاه من آخر البيت ذكر سرور الدنيا ببقائه".

9 ـــ الرؤية

الشعر عند المتنبي ينطوي على غايات ومقاصد, والإبداع عنده نازع لبلوغ جملة الأهداف التي تجعل وجوده ذا معنى على الدوام, ومن جانب آخر الشعر عنده تعبير عن الذات بما تحمله من مشاعر متضاربة, وهنا يبرز صوت الاغتراب والحيرة والضياع, وليس في ذلك تناقض على الإطلاق, لأنّ الشعر في نهاية الأمر ينطوي على ذلك التناقض العجيب, وضوح الهدف والجهل بالمصير, وعي الذات واختفاء المغزى, الإحساس بالوجود والشعور بالضياع, الظفر بالمطلوب والخيبة في الرجاء, ومن كلّ ذلك تتكون الرؤية إنّها تأمل في عالم مترع بالتناقضات, فإذا كانت الصور السابقة قد أظهرت المتنبي يعلو سائر الموجودات بما خُصَّ من كرم الطباع وشدة العزم وفرادة الموهبة, ففي شعره قصائد فريدة تصور نفسه المنكسرة وضعفه الشديد وكآبته وتراجعه وانهزامه لتكتمل لدينا صورة الشاعر الإنسان بكلّ تناقضاتها, وقد نجد ذلك في آخر قصيدة قالها قبل منصرفه من أرض فارس, تلك التي مدح فيها عضد الدولة البويهي, وقد تراءت لـه نهايته كما يقول النقاد فكأنما رثى فيها نفسه, لأنَّه قد قتل في الطريق وهو عائد إلى العراق, وقد قيل: إن المتنبي "قد أكثر من التشاؤم على نفسه في هذه القصيدة بما لم يقع لـه في غيرها, وما لم يخطر على قلبه في جميع عزائمه وأشعاره مع كثرتها وتراميها في البلاد, وقد وقع لـه في أثنائها كلام كأنه ينعى به نفسه وإن لم يقصده, وذلك أنه بعد ارتحاله من شيراز ومفارقته لأعمال فارس قتل في الطريق, وهذا عمرك الله من غريب الاتفاق". يقول فيها :

/ 82