11 ـــ قبح المطالع - محور التجاوزی فی شعر المتنبی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محور التجاوزی فی شعر المتنبی - نسخه متنی

أحمد علی محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

شكلي واحد، كأن يجمع بين الطلل والرحلة في الصحراء والمديح، وقد يقرن بين موضوعات أخرى، وقد ألزمه ذلك إيجاد روابط أو جسور لفظية تمكنه من الانتقال من موضوع لآخر، فجرى معظم الجاهليين في هذا الباب على جهة من التشبيه فيما يتصل بالانتقال من موضوع الطلل إلى وصف الرحلة حيث كانوا يشبهون الناقة بحمار الوحش مثلاً ثم يتركون المشبه ويسترسلون في وصف المشبه به حتى إذا ما بلغوا الغاية في وصف مشاهد الصحراء انتقلوا إلى المدح دون روابط تذكر، ولما آل الأمر إلى المحدثين تأثروا بتعاليم النقد فاضطروا إلى ربط أجزاء القصيدة ولحم أقسامها من خلال الانتقال الميسر الذي يهيئ السامع لاستقبال موضوع آخر، وعلى هذا النحو أمسى حسن التخلص من دواعي القصيدة لا بل من دواعي الصنعة الشعرية عامة، ولا سيما حين أصبح العقل النقدي يهتم بالروابط بين الموضوعات ويلح على تلاحم أجزاء النظم وتجويد صور الكلام فاستعملوا لبلوغ ذلك الكثير من المصطلحات الدالة على ذلك كالنسج والتلاحم والتدرج وغيرها مما يشي بعنايتهم البالغة بموضوع التخلص والانتقال.

لقد كان همّ النقاد رصد مناحي التجاوز عند الشعراء، لأن هذه الظاهرة تعطل الحكم النقدي أساساً، إذ النقد يُعنى أكثر ما يُعنى بالقياس، وبما أن الشعر الجاهلي كان يمثل نموذجاً يمكن القياس عليه، غدا كل خروج عنه ضرباً من التعسف والقبح، غير أن الشعر الجاهلي لا يقدم صورة مثالية للتخلص، لهذا نزّه النقاد أمثلة المتنبي الآنفة عن العيب والضعف، فاكتفوا بالقول إنها ليست مستحسنة أو مختارة، والواقع أن قضية الانتقال في جوهرها تنمّ على إشكالية وعى النقاد القدامى أبعادها فكانت لذلك موضعاً للتجاوز والتخطي على الدوام.

11 ـــ قبح المطالع

تكلّم النقاد على ضرورة مراعاة حسن مطالع الشعر وابتداءات القصائد، لأن المطالع أول ما يقع في السمع ويطرق الذهن فوجب أن تكون حسنة عذبة من حيث اللفظ وبارعة جيدة من حيث المعنى، وقد عاب النقاد على الشعراء كثيراً من مطالع أشعارهم، ومن هذه الجهة عيب على المتنبي قوله:




  • كفى بك داءً أن ترى الموت شافيا
    وحسب المنايا أن يكن أمانيا



  • وحسب المنايا أن يكن أمانيا
    وحسب المنايا أن يكن أمانيا



وقبح هذا الابتداء ينجم عن ذكر الداء والموت والمنايا، وهذا ما يبعث الطيرة في نفس المخاطب ولا سيما إذا كان أميراً أو ملكاً. وكذلك عيب عليه مطلعه:




  • وفاؤكما كالرّبع أشجاه طاسمه
    بأن تسعدا والدمع أشفاه ساجمه



  • بأن تسعدا والدمع أشفاه ساجمه
    بأن تسعدا والدمع أشفاه ساجمه



وجهة العيب هنا كما يقول الشّراح أنه بدأ أول قصيدة لـه في مديح سيف الدولة بذكر البكاء والتأسف على انعدام الوفاء، إذ شبه الوفاء بالربع الدارس، فصاغ المعنى على جهة لا تليق بخطاب أمير كسيف الدولة، والواقع أن مفتتح هذه القصيدة ينطوي على معنى شعري وإن كانت قد استحكمت فيه حاجات نفسية في هذا المقام بالذات، فالمتنبي هنا يجسد معنى يلوح في ذهن الشعراء على الدوام وهو المعنى المتصل بالرسوم والدمن والطلل، والموقف الذي كان فيه من الناحية الموضوعية لا يستدعي هذا المعنى لا من قريب ولا من بعيد، لأنه قال قصيدته التي أثبتنا مطلعها في مدح سيف الدولة بعد نزوله في إنطاكية وظفره بحصن برزويه، ومع ذلك فإن دواعي القصيدة من شأنها أن تبعث في نفسه المعاني المعروفة في هذا الباب، فالمتنبي لا يصف واقعة هنا، وإنما ينظم قصيدة لها طقوسها ولها معانيها ولها منطقها الذي وإن لم يوافق الحال التي هو عليها إلا أنها وفية لتاريخها الفني ومنسجمة مع عناصرها. والتمسك بتقاليد القصيدة في هذا المثال هو انزياح آخر يجسده المتنبي إذ لم يقصد إيهام السامع بأنه وفي لرسوم الشعر، بل يريد أن ينتزع السامع من كونه وواقعه وحياته الحاضرة ليدخله في محراب الفن، وليس لمثل ذلك الصنيع شروط موضوعية على أية حال لأن المطلب الفني هو غاية الشاعر والمتلقي على حد سواء.

لقد طغى النقد التأثيري على الشعر طغياناً لا يطاق، ولا سيما حين استباح الناقد النص، وفرض عليه ما ينبغي أن يقوله في هذه المناسبة أو تلك، فإن هناك محاولة نقدية على الدوام في العصور المختلفة لإكراه المنشئ ليقول ما يريده الناقد، وهذا جور واضح يلحق بالنصوص الإبداعية من

/ 82