محور التجاوزی فی شعر المتنبی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محور التجاوزی فی شعر المتنبی - نسخه متنی

أحمد علی محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وجود أبي الطيب, ويلح علينا السؤال المهم, ما الذي حدث حتّى يحسّ المتنبي أنّه سهم طائش في الهواء:




  • وما أنا غيرُ سهمٍ في هَواءٍ
    يعودُ ولم يجدْ فيه امتساكا



  • يعودُ ولم يجدْ فيه امتساكا
    يعودُ ولم يجدْ فيه امتساكا



ويليه سؤال آخر أكثر أهمية: كيف تلاشى الإحساس بالعنفوان, والشعور بالفروسية, والظن بالعظمة, والانبهار بالذات, والادعاء بالنبوة, والإعلان عن التمرد, والتلفظ بالتعالي, والتظاهر بالعبقرية, والتطاول على الأقران, والتحدي للمصير؟ ما الذي حدث حتى يغير المتنبي موقعه في الوجود, وما معنى أن يكون سهماً طائشاً في الأثير, وصوتاً ضائعاً في الكون, ومخلوقاً تائهاً الأرض؟

هل يريد أنّ نضاله المرير, ورحلاته المتتابعة, وجولاته المختلفة لم تسفر عن تحقيق ما كان يصبو إليه, وهل عجز عن بلوغ مراده, فعكف على سيرته الماضية يسألها كيف تسربت أيامه دون أن يصل إلى هدف ذي معنى, وما مناسبة أن يتكلم على هذه الناحية في حضرة عضد الدولة البويهي؟

لقد تراجعت في هذه القصيدة كلّ القيم الفنية التي كانت موضع اعتزاز الشاعر بكونه مبدعاً متفرداً, فإذا كان في سائر شعره يرى أنّ معانيه لم يستطع أن يأتي شاعر بمثلها, فإنّه هنا لم يجد في شعره معنى إلا ما كان قد ذكر فيه عضد الدولة, لا بل إنّ شعره إطار قد انطوى على فضائل الممدوح, وهذه هي القيمة التي يحملها ليس غير, يقول:




  • وذاك النشر عِرضك كان مسكا
    وذاك الشعر فهري والمداكا



  • وذاك الشعر فهري والمداكا
    وذاك الشعر فهري والمداكا



يقول الشُّراح: أراد: "هذا الشّعر يُظهر فضائل الممدوح للنّاس ولا يزيده فضلاً", فكما أنّ الفهر (الحجر) يسحق الطيب فينشر عبقه في الأثير, كذلك شعره يشيع صفات عضد الدولة الحميدة في الأفاق, وهنا نستدعي بعض معانيه السابقة التي قد تحدث فيها عن هذه الناحية ولكن بصورة مغايرة تماماً حيث يقول أمام سيف الدولة :




  • رُبَّ نَجيع بسيفِ الدَّولة انسفكا
    مَنْ يعرفِ الشّمسَ لا يُنكر مطالعها
    أو يبصرِ الخيل لا يستكرم الرَّمكا



  • وربَّ قافيةٍ غاظت به ملكا
    أو يبصرِ الخيل لا يستكرم الرَّمكا
    أو يبصرِ الخيل لا يستكرم الرَّمكا



ونسلط الضوء هنا على قوله "قافية غاظت به ملكاً" لندل بها على أن القصيدة التي مدح بها سيف الدولة قد غاظت ملكاً غيره فحسده عليها لحسنها, ويقول في ذلك أيضاً :




  • إنَّ هذا الشِّعرَ في الدُّنيا مَلَكْ
    عدل الرحمن فيه بيننا
    فإذا مرَّ بأذنيْ حاسد
    صار ممن كان حياً فهلك



  • سار فهو الشمسُ والدنيا فلك
    فقضى باللّفظ لي والحمد لك
    صار ممن كان حياً فهلك
    صار ممن كان حياً فهلك



وفي هذا الشاهد أيضاً يتكلم المتنبي على حسن شعره وتفرده, إذ جعله ملكاً وشمساً, وكان قد استأثر بفضل صياغته, ونظمه فأحس بعدل الرحمن الذي خصه بالموهبة, وقدّر لـه البروز, كما قدّر للأمير فضل الإحسان وكرم الطباع, وليس ذلك فحسب بل إنّه رُزق من قوة الشاعرية وروعة التعبير ما يقتل به الحساد. فهذا الاعتزاز الباهر بالشّعر قد تراجع كما قلنا في القصيدة التي مدح فيها البويهي, ليصبح الممدوح هو الذي يعطي القصيدة معناها, وللشاعر أهميته بمجرد أنّه اتصل به أو خصّه بشيء من شعره. وهنا كما قلنا أيضاً نتبين مقداراً واسعاً من التجاوز؛ لأنّ المتنبي قد خرق فيه المعهود فتراجع عن المعاني المشهورة لـه في هذا الباب, ولم يكن هذا التجاوز في الواقع متحققاً لولا أنّ القصيدة هنا قد كشفت عن رؤية كونية تشكّل في الحقيقة موقفاً مغايراً لما هو مألوف عن المتنبي من مواقفه إزاء الوجود والإبداع.

إنّ المساحة الضئيلة التي شغلتها شخصية المتنبي في النّص, تشكل في الواقع انزياحاً لم نرَ فيه مجرد المطابقة مع الامتداد المرضي للذات الشاعرة في سائر

/ 82