محور التجاوزی فی شعر المتنبی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محور التجاوزی فی شعر المتنبی - نسخه متنی

أحمد علی محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

شعره, مما سمح على غير العادة بتضخيم الآخر أعني الممدوح, والعودة السريعة إلى النّص الآنف تدل دلالة واضحة على هيمنة ضمير المخاطب وتراجع ضمير المتكلم. نحن نعلم أنّ القصيدة عند المتنبي لا تنساق إلا عبر ضمير الأنا, وتفسير ذلك أنّ الشعر عامة وشعر المتنبي خاصة ما هو إلا صيغة من صيغ الاعتداء على الموضوع, لتلعب الأنا دوراً محورياً في توجيه الدّلالات الشّعرية. إنّ الأنا في الشعر بمعنى أدق هي الموضوع, والموضوع لا ينحل إلا عنها والمسألة في شعر المتنبي أنّ الذات ضخمة إلى درجة مرضية, ولعلّ ذلك من أسباب تفرده, لأنَّه رأى في نفسه الفريد لا المتشابه, فأحكم خطابه على هذا الأساس, والمشكلة هنا في هذه القصيدة أنَّ مكان الأنا أصبح مشغولاً بصورة الآخر, وهذا الذوبان كما قلنا تراجع عن نسق أكده المتنبي في سائر شعره, وهو أمر وإن عزّ علينا تصنيفه خارج حدود النسق المعروف, إلا أنّه حقاً تحولٌ ذو معنى على صعيد الخطاب وعلى صعيد المعنى.

في البيت السابع تنفتح صيغ الخطاب التي لا تني تعزز ثباتها في الأبيات (8 ـ 9 ـ 10 ـ 11 ـ 12) لنقرأ على غير العادة شعراً تذوب فيه شخصية المتنبي في الآخر, ويبرز فيه شيءٌ غير الذات, وقد أُحصيتْ فيه سجايا غير خصال أبي الطيب, إنّه الممدوح الذي ملأ الدنيا وشغل الأنحاء, واستحكم في السبل, فغدا عالماً لم يرَ المتنبي بداً من أن يتحرك في محيطه, وينهل من رحيقه, لا بل إنّه السبيل الذي يشعره بالوجود, ونجد كلّ ذلك في قوله:




  • أرُوحُ وقد ختمتَ على فؤادي
    وقد حملتني شكراً طويلاً
    أحاذر أن يشق على المطايا
    لعل الله يجعله رحيلاً
    يعين على الإقامة في ذراكا



  • بحبك أن يحل به سواكا
    ثقيلاً لا أطيق به حراكا
    فلا تمشي بنا إلا سواكا
    يعين على الإقامة في ذراكا
    يعين على الإقامة في ذراكا



وتعلو نبرة الخطاب لتصل إلى قمة المبالغة في البيت الأخير حين يرى المتنبي أنه يستحي من الإله إن فارق دار ممدوحه في قوله:




  • حييٌّ من إلهي أن يراني
    وقد فارقت دارك واصطفاكا



  • وقد فارقت دارك واصطفاكا
    وقد فارقت دارك واصطفاكا



إنّ تركز صيغ الخطاب حول ضمير المخاطبة يشي بالوظيفة الإفهامية للّغة, والغاية واضحة هنا, لأنّ الضغط على هذا الضمير يدعم صورة الآخر في الموضوع ليكون حاضراً على الدوام في سياق القول مثل حضوره القوي في ذهن منشىء القول, ومن ثم تكون الهيمنة الواسعة لكاف الخطاب التي تتوزع في تفصيلات القصيدة عامة ليكون الموضوع برمته لمصلحة طرف واحد وهو الممدوح, ثم نلحظ نسيجاً غير مترابط للذات التي أنتجت القول ترامت أطرافه هنا وهناك, لنفهم في النهاية أنّ الشاعر ما هو إلا جرم صغير يدور في فلك هائل أهمّ ما فيه الممدوح, وهذا بالطبع مؤدى الاعتماد الكلي على ضمير المخاطب في النّص.

إنّ الغاية التي كان يرمي إليها الخطاب استحكمت في بناء النّص عامة, وربّما كان اختيار المتنبي حرف الروي (الكاف) لتعزيز هذه الغاية, فالقافية انحازت بصورة واسعة إلى ترسيخ مبدأ التخاطب, والمتلقي بات ينتظر في نهاية كل بيت انعطاف أعنة الكلام باتجاه الممدوح ففي قوله في البيت الأول (فداك) توجيه إلى المخاطب بوساطة كاف الخطاب التي شغلت وظيفتين أساسيتين: ضبط الإيقاع, وتوجيه الدلالة في آن واحد. وقد تكرر الصنيع ذاته إضافة للبيت الأول في الأبيات:

(2 ـ 6 ـ 7 ـ 8 ـ 12 ـ 13 ـ 17 ـ 18 ـ 19 ـ 26 ـ 29 ـ 30 ـ 31 ـ 32 ـ 36 ـ 42 ـ 45). أي أنّ ضمير الخطاب قد شغل ثمانية عشر موضعاً في الروي, وإذا لاحظنا أنّ ذلك الضمير قد بدأت به القصيدة ثم ختمت به نفهم من ذلك بالفعل أنّ الضمير بمساره الدائري قد أسهم في رسم صورة كونية للممدوح, هي أشبه بالفلك الذي تدور فيه العناصر المختلفة, والشاعر بطبيعة الحال جزء من تلك العناصر, بوصف النّص قد بدأ بضمير الخطاب, وانتهى إليه ليرسم في الذهن صورة قريبة من الدائرة التي تبدأ بنقطة ثم تنتهي في النقطة نفسها.

/ 82