محور التجاوزی فی شعر المتنبی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محور التجاوزی فی شعر المتنبی - نسخه متنی

أحمد علی محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

إنّ المتنبي هنا لم يعمد إلى التنويع بل استقل كلامه في المديح بموضوع واحد لم يجمع إليه موضوعاً آخر, ولسنا بصدد الكلام هنا على وحدة القول التي زعم من زعم أنّ الشعر العربي لا ينتصر لها, لكننا نريد أن نركز على أنّ التجربة قد آزرت الوحدة هنا ليتعذر على المنشىء أن يفكر في غير ما يخص الممدوح, أو يعبر عن غير اللحظة التي عاشها بكلّ جوارحه, وكما أنّ صورة الممدوح الشاملة قد سدت عليه النوافذ فلم يبصر ظلال نفسه وهي ترمي بثقلها على موضوع الفنّ, كذلك كانت اللحظة نفسها قد سلبته حرية التفكير في حيثيات الفنّ الذي يستلزم إظهار براعة القائل وهو يقلب نظره في موضوعات مختلفة ليقدم للسامع زاداً متنوعاً للإمتاع.

وهذا بحدّ ذاته عدول عن النّسق الفني الذي استقرت فيه أشعار المتنبي السابقة كما استقرت فيه النماذج الشعرية الخالدة من ميراث العرب الكلامي.

إنْ لغة القصيدة تؤكد أنّ الدّلالة قد انتصرت على المعنى, وتبعاً لذلك انتصرت اللحظة الجمالية المتجسدة بمادة القول على أفق توقع المتلقي, إذ المعنى المستقر لدينا لا يدور إلا حول عظمة المتنبي, والعظمة هنا قد تلاشت, لتجسد القصيدة لحظة ضعف المتنبي وخوفه من المصير. لقد بدا ظلاً للممدوح بكلّ ما تحمله هذه العبارة من معنى, وكذا سؤال التميز الذي يستولي على ذهنية المتلقي حين يواجه أيّ نصّ للمتنبي يتضاءل بوصف القصيدة هنا لم تُذكر على أنّها من روائع المتنبي, ولم يسبق أن قال ناقد إنّها قد انطوت على التفرد, ولكنها من ناحية أخرى احتملت جانباً من الرؤية الفنية التي لم يُقدر لشعره الباقي أن يأتي بمثلها, أو بالوضوح الذي امتازت به وهنا رأى النقاد فيها? العجب.

لقد عبر الثعالبي, وهو من النقاد المنصفين الذين وجدوا عند أبي الطيب ما يحمل على الاستنكار, وما يبعث على الإعجاب في آن واحد, ففي يتيمته خص أبا الطيب بكلام كثير, مستعرضاً فيه هفواته وسيئات معانيه وجنف ألفاظه, ثم أشار إلى ما يوجب الاستحسان في أشعاره, وقد أنهى مقالته بعبارة تشفّ عن إعجاب بالغ بالمتنبي وفنّه فقال: "وقد جمح بي القلم في إشباع هذا الباب وتذييله وتصييره كتاباً برأسه في أخبار أبي الطيب...." ـ عن دهشته حين وقف عند قوله:




  • فزُلْ يا بُعْدُ عن أيدي ركابٍ
    لها وقعُ الأسنةِ في حشاكا



  • لها وقعُ الأسنةِ في حشاكا
    لها وقعُ الأسنةِ في حشاكا



فقال: هذه استعارة حسنة لأنه خاطب البعد وجعل لـه حشا, ثم نظر في قوله:




  • وأياً شئتِ يا طُرقي فكوني
    أدْاةً أو نجاةً أو هلاكا



  • أدْاةً أو نجاةً أو هلاكا
    أدْاةً أو نجاةً أو هلاكا



فقال: "جعل قافية البيت الهلاك فهلك".

هذه الإشارة موضع اهتمام, فجملة ما يحصّله النّظر فيها أنّها قرارة القصيدة وأعمق نقطة فيها, لأنّها متولدة أساساً من شعور غامض بالنهاية, لهذا لفتت انتباه الثعالبي, وغيره ممن تجرد عن كلّ حكم سابق على المتنبي وعبقريته, إضافة لذلك فإنّ القصيدة في مجملها لم تكن معرضاً لتتبع سرقات المتنبي, وما لاحظه الشارحون إزاء تشابه بعض معاني القصيدة مع غيرها من معاني الشعراء ملاحظات ليست بذات معنى لسبب وجيه أنّ المتنبي فيها لم يكن قد بالغ في الكلام على نفسه وتفرده وعنفوانه وموهبته, وإنّما كانت حديثاً خالصاً يجسد لحظة الضعف الإنساني في وقت عجزت فيه الحيلة عن تحقيق المراد, وقصرت الآلة عن الوصول إلى الأهداف. ومن العجيب أن يتمثل المتنبي هذه اللحظات الموجعة في حضرة أمير غير عربي, وهو من جعل من شعره نشيداً للعرب وعن العرب, والذي دعاه إلى ذلك تلك اللحظات التي شعر وكأن الزمان قد جرده من كلّ شيء, ولم يعد لكل ما كان معنى الآن, وقد طوى تاريخه سلسلة من الأحداث, وقطع زمانه كلّ ما كان يحلم به, ولم تبق لـه بعد الرحلة الطويلة في الحياة إلا أن يقول: لن تصمد في وجه الزمن إلا اللحظات الشعرية التي يمكن أن تخرج وحدها من حساب النصر والهزيمة, والربح والخسارة, والصمود والاندحار, والموت والحياة, فلا نصر إلا لمن يستطيع أن يخرج عن حدود الأزمنة, وفي هذه الناحية أبصر موقعه في الوجود ليكون ذلك الموقع طريقه إلى الذاكرة. والسؤال الأخير الذي يمكن أن يستحوذ بكامل الاهتمام: أين الرؤية في النص, وكيف يمكن تصنيفها لمصلحة المتنبي? هنا؟

/ 82