3 ـــ الدلالة الخبيئة
لا أستطيع القول إنّ الصنيع الذي يقدمه المتنبي في المثال السابق قائم على قصدية ما، لأنّ هذه الإمكانية متوافرة لكل من يريد أن يرسل معانيه بوسيلة غير لغوية، لكنه على صعيد الشعر يمثل ثراء ونزوعاً إلى التميز والتعبير عن الخصوصية، ولاسيما أنّ المبدعين كما قلنا يصارعون القوالب الشّعرية الموروثة للتعبير عن تميزهم، كما يعانون معاناة شديدة لاصطياد المعاني النادرة التي لم يتطرق إليها السابقون، والمتنبي على رأس الشعراء الذين انحازوا إلى الدلالات التي تعد خبيئة تلك التي لا تطولها تأملات النقاد الذين أشاروا إلى عيوب المعاني في شعره كما في قوله في رثاء أم سيف الدولة الحمداني
1. وهذا أوّل الناعين طراً
2. كأنّ الموت لم يفجع بنفسٍ
3. صلاةُ الله خالقنا حنوطٌ
4. على المدفون قبل الترب صوناً
وقبل اللّحد في كرم الخلال
لأوّل ميتةٍ في ذا الجلالِ
ولم يخطر لمخلوق ببالِ
على الوجه المكفن بالجمالِ
وقبل اللّحد في كرم الخلال
وقبل اللّحد في كرم الخلال
تحياتٌ ومغفرةٌ ورَوحٌ
على تلك المحلَّةِ والحلولِ
على تلك المحلَّةِ والحلولِ
على تلك المحلَّةِ والحلولِ