3 ـــ الدلالة الخبيئة - محور التجاوزی فی شعر المتنبی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محور التجاوزی فی شعر المتنبی - نسخه متنی

أحمد علی محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

عمد إلى الإشارة التي جسدت معنى فائضاً لم يكن بمقدور اللّغة نقله بهذه الدقة أو بتلك الخصوصية، أو ربما بالسرعة التي تتطلبها اللحظة الجمالية وحيثيات الموقف، والمتنبي بهذا الشاهد يعبر عن إمكانات غير لغوية ينقلها خطابه الأدبي إلى المتلقى ليحمله إلى قلب الحدث، وينقله بسرعة خاطفة ليمتزج بالدّلالة دون أن يعطيه فرصة وافية ليسأل عمّا إذا كان هذا الانصهار بين اللغة بطبيعتها البيانية والإشارة بطبيعتها الآنية أمراً جائزاً أم لا، وهذا الاختراق المعرفي هو موضع الإبداع الحقيقي، أي ذلك الصنيع الذي لا يمكننا من مجرد القياس بين التجاوز والأصل، لعجزنا عن تحديد الأصل وموضع التجاوز في آن.

3 ـــ الدلالة الخبيئة

لا أستطيع القول إنّ الصنيع الذي يقدمه المتنبي في المثال السابق قائم على قصدية ما، لأنّ هذه الإمكانية متوافرة لكل من يريد أن يرسل معانيه بوسيلة غير لغوية، لكنه على صعيد الشعر يمثل ثراء ونزوعاً إلى التميز والتعبير عن الخصوصية، ولاسيما أنّ المبدعين كما قلنا يصارعون القوالب الشّعرية الموروثة للتعبير عن تميزهم، كما يعانون معاناة شديدة لاصطياد المعاني النادرة التي لم يتطرق إليها السابقون، والمتنبي على رأس الشعراء الذين انحازوا إلى الدلالات التي تعد خبيئة تلك التي لا تطولها تأملات النقاد الذين أشاروا إلى عيوب المعاني في شعره كما في قوله في رثاء أم سيف الدولة الحمداني




  • 1. وهذا أوّل الناعين طراً
    2. كأنّ الموت لم يفجع بنفسٍ
    3. صلاةُ الله خالقنا حنوطٌ
    4. على المدفون قبل الترب صوناً
    وقبل اللّحد في كرم الخلال



  • لأوّل ميتةٍ في ذا الجلالِ
    ولم يخطر لمخلوق ببالِ
    على الوجه المكفن بالجمالِ
    وقبل اللّحد في كرم الخلال
    وقبل اللّحد في كرم الخلال



ما أثار خصوم المتنبي في هذا الكلام قوله "الوجه المكفن بالجمال" فقيل: ماله ولهذه العجوز يصف جمالها، فتبينوا شيئاً من سوء الأدب في ذلك، إضافة إلى أنّ موقف الموت لا يستدعي الإشارة إلى الجمال، والمتنبي بحسب هذا البيت خارج على العرف الذي يستلزم البكاء والتأسف أو الندب والتأبين والوعظ والدعوة إلى التصبر وغير ذلك من المعاني التي جرت في موضوع الرثاء. إذن الشاهد فيه عدول وانحراف عن النسق، وهو من الشّعر الرديء بحسب رأي من قاسه بالنماذج التي تتوخى المعاني الجارية في طباع الشعراء إزاء هذا الموضوع، غير أنّ جماعة من النقاد حملوا القول الآنف على جهة الإشارة مثلما ذهب بعض شُراح الديوان كالعكبري الذي فهم من البيت أنّ المتنبي أشار إلى أنّ الموت لم يغير جمال المرأة، فكان جمالها بمقام الكفن كما أراد أن يجعل الحنوط وهو الطيب مع الصلاة والرحمة، بمعنى أن تكون الرحمة بمقام الحنوط لأنّ العادة لم تجرِ على ذكر الطيب أو الحنوط في هذا السياق، وأعتقد أنّ المتنبي في هذا الشاهد أراد كسر النسق الشّعري على الصعيد الدّلالي في هذا الموضوع ليس غير، بما فيه قول منصور النّمري الذي زعم بعض النقاد كابن وكيع أنّه مأخوذ منه وهو قوله:




  • تحياتٌ ومغفرةٌ ورَوحٌ
    على تلك المحلَّةِ والحلولِ



  • على تلك المحلَّةِ والحلولِ
    على تلك المحلَّةِ والحلولِ



فعمد إلى استبدال ما هو غيرُ مألوف بما هو مألوف، فالمألوف هو الحنوط والكفن، وغير المألوف أن تكون الصلاة حنوطاً، والجمال كفناً، فإذا كان الحنوط يزول، والكفن يبلى، فإنّ الرحمة دائمة والجمال سرمدي، والشاعر قد جعل ذلك على الإطلاق عبر الدّلالة الكلية للأبيات. ففي إشارته في البيت الأول إلى الجلال، "لأول ميتة في ذا الجلال" وفي البيت الأخير قوله: "صوناً" و"كرم الخلال" نزوع واضح إلى اعتبار المُثل التي كانت تتحلى بها المرثية باقية لا يطولها العدم، لهذا كان البيت الأخير قد حمل تصريحاً لما كان مضمراً في الأبيات السابقة، وظهر من خلاله القصد، غير أنّ بعض النقاد كابن وكيع حين تقصى مسألة السرّقات في شعر المتنبي أقام الأحكام النقدية على شواهد مفردة ومعان معزولة عن سياقات أشمل، من أجل ذلك لم يدرك المعنى

/ 82