محور التجاوزی فی شعر المتنبی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محور التجاوزی فی شعر المتنبی - نسخه متنی

أحمد علی محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ألحت عليه صورة الموت في سياق التأمل الكوني زهير بن أبي سلمى حين صوره على هيئة ناقة عمياء تتخبط بمصائر الأحياء فقال:




  • رأيتُ المنايا خَِبْطَ عشواء مَنْ تُصِبْ
    تُمتْهُ ومَنْ تُخطئ يُعمر فيهرمِ



  • تُمتْهُ ومَنْ تُخطئ يُعمر فيهرمِ
    تُمتْهُ ومَنْ تُخطئ يُعمر فيهرمِ



إنّ صورة زهير هنا وإن كانت أدخل في باب التأمل الكوني إلا أنّ حظها من الحكمة قليل، والسبب أنّ تصويره الموت على هيئة ناقة عمياء لا تدرك هدفها، ولا تنتقي ضحاياها لم تؤكده الشريعة الإسلامية فيما بعد، لأنّ الموت في الإسلام قوّة واعية وأجل محتوم ومحدد. غير أنّ ذلك لا يعني أنّه لا قيمة لصورة زهير التي تناقلتها الألسنة عبر العصور، وصار قوله في هذا الباب من سوائر الأشعار، وإنّما يعنى أنّ العقل الشعري لا يعنى بالمطابقة بين المعاني الشعرية والمنطق، لأنّ للشعر منطقاً خاصاً، بدليل أنّ معنى زهير هذا ظلّ موضع احتذاء حتّى عند الشعراء الذين جاؤوا بعد الإسلام كما سنرى. وقيمة قول زهير تتجسد في الجانب الانفعالي والعاطفي ومن ثم الإنساني. وهذا كما نفهم اليوم موقف شعري من الدّهر، أو هو ضرب من التأمل الذاتي الذي تتحدد فيه العلاقة بين الشاعر والموضوع بالجانب العاطفي الوجداني، وليس بالجانب العقلي التأملي، أو إن شئتَ القول: إنّ الشاعر لا يتأمل بعقله، وإنّما يتأمل بوجدانه، فمن هذا الباب تخرج المعاني الشعرية بمعزل عن سلطة العقل، وعليه فإنّ المتلقي لا يحمل المعنى الشعري على محمل الصواب في الأغلب الأعم، مع أنّ النقد الأدبي بعد ذلك طالب الشعراء بصحة المعنى، كما هو الشأن في أقوال المرزوقي عن فكرة عمود الشعر، غير أنّ هذا المطلب ظلّ بعيداً عن الواقع، ولا سيما حين يفتح الشاعر الكلام على الموت والدهر والعدم.

لم يقل ناقد ـ في حدود اطلاعي ـ: إنّ كلام زهير على الموت غير صحيح، مع أنّه غير صحيح حقاً إذا ما قيس بما جاءت به الشريعة، والسبب فيما أرى أنّ الصحة هنا تراجعت أمام الصدق، فقول زهير صادق غير صحيح، فهو صادق من الجهة التي تهيأ لزهير وكأنه يصف حقيقة الموت كما كان يعيها، وهنا شفع لـه صدقه حين صور المسألة للسامع وكأنها حقيقة، وأما مخالفته الصحة في هذا الباب فظلت هامشية، لأن قضية الأدب لا تنتصر لشيء مثلما تنتصر لصدق التجارب كما يقول النقد الحديث اليوم، ومعناها أن يمثل القائل تجربته للسامع كما لو أنها حدثت بالفعل.

لقد وجه زهير فيما أرى هذا المعنى، المتصل بالتأمل الكوني إزاء الموت، أذهان الشعراء إلى قيمة الانفعال في هذا الصدد، لهذا قلّما نجد شاعراً ظهر في الطور الأول للإسلام قد انحاز إلى التعاليم في هذا الباب، وربما كان أبو ذؤيب الهذلي الذي امتُحن بفقد جماعة من أولاده مرّة واحدة مشدوداً إلى ذلك المعنى الذي أصّله زهير في زمن الجاهلية، حتّى لكأنّ الزّمن في الفن لا يتحرك، وصحيح أنّ أبا ذؤيب لم يقل إنّ الموت قوة عشوائية كما قال زهير، إلا أنه قدم صورة أشد وأقوى من صورة سابقه حين قال:




  • وإذا المنيةُ أنشبت أظفارَها
    ألفيتَ كلّ تميمة لا تنفعُ



  • ألفيتَ كلّ تميمة لا تنفعُ
    ألفيتَ كلّ تميمة لا تنفعُ



وقد يكون أبو ذؤيب هنا أكثر احترازاً من زهير لأنّه من الشعراء المخضرمين، وقد قال ما قال عن الموت في عهد الإسلام، إلا أنّ الموت الذي صوره في قولـه لا يُردّ ولا يُواجه ولا ينتفع المخلوق منه بالحذر والحيطة والتمائم وغير ذلك، وهذه المقالة مع أنّ ظاهرها يشي بأن الشاعر لم يهاجم الموت مهاجمة علنية، إلا أن موقفه من الدهر لم يكن يختلف اختلافاً كبيراً عن موقف زهير، ولو أراد غير ما قصده زهير لقال إنّ الموت قضاء عادل وسلم أمره لله كما أمرنا الإسلام.

إنّ ما أثير حول الشعر الجاهلي من شبهات كالتي حاول تثبيتها مرجليوث وطه حسين وغيرهما في مسألة الانتحال يجعل الدارس يحجم عن عرض المزيد من المعاني الجاهلية التي تشبه قول أبي ذؤيب, من أجل ذلك نسوق قولاً واحداً لعنترة العبسي قريباً من قول أبي ذؤيب ونحن نعلم في قرارة أنفسنا كم ادعى عليه قوم من النقاد لتجريده مثل ذلك المعنى, ولا سيما قوله:




  • ومن ذا يردُّ الموتَ أو يدفع القَضَا
    وضربتُهُ محتومةٌ ليس تَعْثَرُ



  • وضربتُهُ محتومةٌ ليس تَعْثَرُ
    وضربتُهُ محتومةٌ ليس تَعْثَرُ



/ 82