محور التجاوزی فی شعر المتنبی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محور التجاوزی فی شعر المتنبی - نسخه متنی

أحمد علی محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الفريدة في إطار تسمح به اللغة, غير أن هذا النص لم يسجل انحرافاً واسعاً في الأسلوب كما هو الشأن في سائر أشعاره لأن المتنبي هنا لا يحفل برسوم الصناعة الشعرية. بمثل احتفاله برسم الأحداث الغامرة وذكر الصنائع العظيمة, وتخليد سيرة البطل الهمام الذي أحرز نصراً للعرب.

إن صورة البطل في النص تختلف اختلافاً واسعاً عن صور الممدوحين في التراث الشعري العربي عامة, فإذا كانت صورة الممدوحين عادة يضخمها الانفعال والإعجاب بحيث تدنو من التلفيق والكذب لغرض الكسب والعطاء, كما هو الشأن في شعر النابغة حين جعل ممدوحه كالشمس في قوله:




  • كأنّك شمسٌ والملوك كواكب
    إذا طلعتْ لم يبدُ منهن كوكبُ



  • إذا طلعتْ لم يبدُ منهن كوكبُ
    إذا طلعتْ لم يبدُ منهن كوكبُ



فإن المتنبي جاز حدود المبالغة في الوصف ليدخل بطله في الإطار الأسطوري, فسيف الدولة لا يشبه شيئاً مما وصفت به العرب أبطالها, لأن أوصافها ظلت تدور في فلك التصور الممكن, فإذا عدنا إلى صورة النابغة وجدنا أن التشبيه وإن كان قائماً على المبالغة, إلا أن إمكانيته لا تجوز حدود تشبيه الممدوح بالشمس, من جهة تخيله أن ثمة وجهاً للشبه بينهما يتمثل بالإشراق وهذا معنى شعري ممكن, كأن يكون الممدوح في حقيقته أبيض مشرق الوجه, والبياض عند العرب لـه إشراق, وقد طرق المتنبي في بعض شعره هذا المعنى فقال:




  • قلقُ المليحةِ وهي مسكٌ هتكُها
    ومسيرها في الليل وهي ذُكاءُ



  • ومسيرها في الليل وهي ذُكاءُ
    ومسيرها في الليل وهي ذُكاءُ



أراد أن المرأة من شدة بياضها تكاد تضيء في الظلماء, غير أن صورة سيف الدولة هنا كما قلت ذات بعد أسطوري يتخطى القدرة الإنسانية, أو أن الشاعر أخرج البطل من كونه إنساناً لـه قدرات محدودة إلى عالم بالغيب:




  • تجاوزتَ مقدارَ الشجاعة والنُّهى
    إلى قول قوم أنت بالغيب عالم



  • إلى قول قوم أنت بالغيب عالم
    إلى قول قوم أنت بالغيب عالم



فالشعراء كانت تنعت ممدوحيها بالشجاعة والعقل, وربما وصلت في ذلك إلى حد الإطلاق, غير أن سيف الدولة تجاوز الصفات الإنسانية في الشجاعة والعقل إلى درجة المعرفة بما ستؤول إليه الأمور في قابل أيامها, والإنسان في الحقيقة بمنأى عن هذه المعرفة, في حين وجد المتنبي في هذه الصفة ضرورة لبطله الذي جاز في أفعالة طاقة البشر, فجعله خارجاً عن الطبيعة الإنسانية المحدودة في فعلها وفي علمها, وهذه الصورة الرائعة لسيف الدولة تجعل منه بطلاً ملحمياً يتميز بقدرات خارقة, كما كان يتميز أبطال الملحمات اليونانية وغيرها بقدرات خارقة.

ومما يثبت إصرار المتنبي على إخراج بطله سيف الدولة من الإطار الإنساني المحدود إلى جهة الإطلاق قوله:




  • وقفتَ وما في الموت شكٌّ لواقف
    كأنّك في جفن الرّدى وهو نائمُ



  • كأنّك في جفن الرّدى وهو نائمُ
    كأنّك في جفن الرّدى وهو نائمُ



فالموت كما صور الشعراء لا غالب له, إذ ليس بمقدور الحي أن يواجهه, غير أن بطلاً مذهلا ً كسيف الدولة لم يقتحم لجج الموت ليعبر عن شجاعة طالما وصف بها غيره من الممدوحين, وإنما قصر عنه الموت, وعجز عن الإيقاع به وهو يقف في جفنه, فتظاهر بالنوم رعباً منه, وهذا أيضا أدخل في المعنى الأسطوري إذ استحال سيف الدولة في هذه القصيدة قاهراً للموت.

إن هذه الصورة الباهرة التي رسمها المتنبي لبطله, لم تقترن بشعور فردي, ولم تنحل عن عاطفة ذاتية, بل صهر الشاعر من خلالها جوهر الصراع بين العرب والروم, فكأن شخصية سيف الدولة تجسيد لصورة البطل ببعديها القومي والديني, في زمن كان فيه الناس أحوج ما يكونون إلى التعلق بصورة للبطولة ترجع إليهم الثقة بأمتهم, بعد أن تمزق كيان دولة بني العباس, وأصبحت ثغور العرب المسلمين عرضة لأطماع الروم, ومن هنا لم يكن نصر سيف الدولة في هذه الموقعة نصراً للحمدانيين في حلب, وإنما كان نصراً عربياً:




  • تشرّف عدنان به لا ربيعة
    وتفتخر الدنيا به لا العواصم



  • وتفتخر الدنيا به لا العواصم
    وتفتخر الدنيا به لا العواصم



/ 82