محور التجاوزی فی شعر المتنبی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محور التجاوزی فی شعر المتنبی - نسخه متنی

أحمد علی محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

حين شبه ممدوحه بالشمس في قوله:




  • كأنّك شمسُ والملوكُ كواكب
    إذا طلعتْ لم يبدُ منهن كوكبُ



  • إذا طلعتْ لم يبدُ منهن كوكبُ
    إذا طلعتْ لم يبدُ منهن كوكبُ



ومع أنّ النابغة رعى الفارق الموضوعي بين المشبه الممدوح والمشبه به الشمس بالأداة (كأن) ليفهم من ذلك أن ثمة تباعداً بين الطرفين، مع وجود وجه شبه بينهما، إلا أنّ الاحتجاج، ظل ذا معنى حين نتكلم على المبالغة في التعبير. والفارق الجوهري بين شاهد النابغة وشاهد المتنبي هو أنّ المتنبي أسرف في المبالغة حين ساق التشبيه على الجهة التي دعته إلى حذف أداة الشبه فقال: (وهي ذكاء) مستفيداً من الإمكانات الفنية للبلاغة التي تعد هذا الضرب من التشبيه بليغاً.

وأمر آخر يُبرز الاختلاف بين الشاهدين أنّ النابغة على تقدمه قد شخّص صورة مفردة في سياق لم يصب حظاً من المبالغات المماثلة، مما لفت النظر إلى هذا التشبيه الذي أشبه الخال الذي في الوجه من جهة البروز والوضوح، في حين أنّ المتنبي قد ساق تشبيهه في سيل جارف من المبالغات والتجاوزات على صعد مختلفة دلالية وصوتية، لهذا يلحظ المتلقي أنّ المبالغة هنا لا تأتي إلا عبر المجمل وعبر سلسلة لا تتناهى من التعابير المضخمة أو الجديدة التي تصدم الإحساس بكلّ ما هو غريب? فريد.

وما إن يستقيظ ذهن القارئ ليعي مقدار المبالغة في قوله (وهي ذكاء) حتّى يغرق في مخاض أعمق، ومعنى أغرب، ليجد نفسه في سلسلة من التجاوزات، فيستسلم أخيراً مقراً بأنّ ما يقوله النص حري بالإعجاب والتقدير.

إنّ الحال التي يجسّدها النّص في كلّ معنى مفرد تشد المتلقي إلى الهدف الذي يرمي في نهاية الأمر إلى أنّ المتنبي مسكون بالتجاوز، ففي البيتين الثالث والرابع تأكيد لهذه الناحية، إذ يورد في البيت الثالث أنّه يأسف على الأسف، ففي الأسف الثانية إحالة على ذهاب العقل، بدليل قوله دلهتني، والمدله من أذهب العشق عقله فغدا معطلاً، ليستحيلَ عبئاً ثقيلاً على جنبه، لا بل أصبح يعمل عملاً معاكساً في العشق، ليغدو المعنى، إنني أسف على ذهاب عقلي، الذي غدا عضواً معطلاً فزادني خفاء وجهلاً، وهو الذي خلق للعلم والمعرفة والشعور.

وفي البيت الرابع يشتكي المتنبي من انعدام المرض (وشكيتي فقد السّقام) والمرء عادة لا يشتكي من انعدام المرض، وما يشتكي منه هو أن يكون مريضاً، وكأن المتنبي يشتاق لعودة السقم فبعودته يرجع لـه الإحساس، إذْ هو في حال أسوأ من حال المريض، إنه فاقد الإحساس بكل شيء. ثم تأتي الصورة متوجة كلّ هذه التجاوزات ليغدو الموقف كلّه محكوماً بخرق المعتاد على الصعيد الدّلالي، ففي البيت الأخير يقول:




  • مثّلتِ عينَكِ في حشايَ جراحةً
    فتشابها كلتاهما نجلاءُ



  • فتشابها كلتاهما نجلاءُ
    فتشابها كلتاهما نجلاءُ



فقولـه (مثلت) بمعنى (صورت ـ نقشت ـ رسمت) وهو فعل سار يبعث على الإحساس بالجمال الممتع لدلالته على فعل فني، ثم يذكر في عجز البيت (نجلاء) وهي صفة جميلة للعين، لأنها تشي بالسّعة، وهذا أمر ممتع أيضاً بحكم العرف، غير أنّ المتنبي وضع ما هو ممتع في إطار مؤلم، فجعل التمثيل أو التصوير في الفؤاد، ثم جعل اتساع الجرح الذي أحدثته الحسناء في قلبه متسعاً باتساع عينها، فإن كان التصوير ممتعاً إلا أنّه هنا اكتسب دلالة موجعة لأنّه تجسد في صور جرح واسع في الفؤاد، وإن كانت العيون الواسعة مستحبة إلا أنّها هنا مؤذية لأنّها وسّعت الجرح في القلب. وفي كلّ ذلك تأكيد أنّ انزياحات المتنبي على المستوى الدلالي تمثل سلسلة متشابكة من العلاقات غير المعهودة التي يدركها المتلقي الناقد ويحسن تقدير قيمتها في سياقها الصحيح.

إنّ تركيز القول في تجاوزات المتنبي على الصعيد الدّلالي، يستلزم تبصراً واسعاً بأنماط التقبل الشعري أساساً، فالمتلقي بما يمتلك من "أفق توقع" إزاء ما يمثله شعر أبي الطيب لا يتبع قاعدة محددة أو وضعية معينة، وهذه مشكلة برزت في البدء مع الجمهور المتقدم الذي تلقى أشعاره، وفق مقتضيات الوعي بما تنطوي عليه العبارة الشعرية من تجسيد اللحظات الجمالية أو السارة التي تبعث في النفس المتعة المختلطة في كثير من الأحيان بالإدهاش، وهنا يمكن أن تسقط اعتبارات كثيرة أرجعها

/ 82