إن الدراسة التفصيلية لوحدات النص الأدبي، والوقوف على حيوية عناصره، تتطلب بدءاً، النظر إلى صورته واستجلاء نظام وحداته وهي تتصل فيما بينهما بما يضيء جانباً أساسياً من شخصيته الأدبية، هذا الجانب الذي يرتبط بترتيب الوحدات وانتظامها وهي تشكّل إطارها الخاص بما تشغله من مساحة سرديّة وبما تقيمه من علاقات فيما بينها لتكّون، بذلك، لُحمة النص ومجال الارتباط بين أجزائه، وهي تنتقل، في شمول معنى (الإطار) وامتداد عمله، من الحدود الخارجيّة للنص إلى طرائق ارتباط وحداته الداخليّة وأوجه ترتيبها وهي، كما يُشير أرسطو في شعريته مكمن الجمال فيه. لتندرج معالجة موضوع الإطار السردي عندئذٍ، ضمن مبحث عام هو (ترتيب) وحدات النص الأدبي الذي يُعدّ مسؤولاً عن الانتظام الشكلي للنصوص، ويُسهم في مجال أوسع من البحث، ضمن خصائص سرديّة أخر، في معاينة السمات النوعيّة التي تفرّق بين نصوص السرد العربي القديم وتجسّد شخصياتها ضمن النمط الواحد، إذ يتشكّل نص السرد عبر تنسيق مجموعة من الوحدات تخضع في حضورها لبناء خاص لا يتحدد بنقطتي البدء والانتهاء على ما تمثلانه من أهمية، بل يمتدّ ليشمل طرائق تنظيم وحداته الداخليّة وهي تؤمِّن ما يمكن من العلاقات فيما بينها، لنكون أمام وحداتٍ ثلاث تشكّل بما تقترحه من صلات مركز عناية الدراسة في توجّهها لفحص إطار نصوص الأمثال وهي:1 ـ الاستهلال.2 ـ الفصل والوصل،3 ـ الخاتمة.إن محاولة النظر إلى ما يتشكّل من انتظام بين بدء النص وانتهائه، ومن ثم الارتفاع به لإدراك مايكون بين وحداته من ترابط بنائي ممكنةٌ في ضوء ما يميّز وحدات الإطار من سمات ((فالنص ذو بداية، ومجال وسط قد يطول وقد يقصر، ونهاية، وهي نقاط يمكن التوقف عند أي واحد منها وفصلها عن غيرها، ولكنها لا يمكن أن تُفهم معزولة عنها فكل مكوّن من مكوّناته يمثل معلماً تتقدم بها الأحداث إن كانت حدثاً، وتتعدد بها الذوات إن كانت ذاتاً)).إن خصوصية الترابط، وآليته، بين وحدات النص السردي تدعو الدراسة لملاحظة فاعلية نظامه الأدبي وهو يقترح، في كلِّ مرّة يستجيب فيها لموجّهات النسق الثقافي، انحرافاً ما في الانتظام الشكلي لنصوصه، على الرغم من محافظته على تقاليد محدودة تظل، مع تغيّر السياق، أساسية في توجّه كل نوع من الأنواع، إذ إن السرد القديم ((يحرص على احترام افتتاحية معيّنة، وإن شيئاً من التفكير يجعلنا نقتنع بأنه يحترم كذلك خاتمةً معيّنة تنبئ بأن السرد قد انتهى))، بما يوجّه الدراسة لتأمل قدرة النسائج السرديّة على اقتراح ترابط بنائي يضم وحداتها المختلفة ويرتفع بها في إنتاج شكل تميّزه، من بين أشكال النثر، فاعلية نوعية هي في الوقت نفسه نتاج عملية (الاختيار والترتيب) التي تقوم بالمهمة الرئيسة في إنتاج (الإطار) بما يميّز وحداتها من تواشج وتنظيم، وهي تمهد لانطلاق السرد وتهيء المجال، باشتغالها ضمن نسق ثقافي معيّن، لتحقيق أهدافه.