الخاتمة - سرد الامثال نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

سرد الامثال - نسخه متنی

لؤی حمزة عباس

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الخاتمة

مثلما توجّهت عناية البلاغيين لدراسة الاستهلال، وتأمل الفصل والوصل لتعيين مواضع جودتهما، اهتموا بدراسة الخاتمة، ومنحوها من العناية ما تستحق لأنها ((آخر ما يبقى في الأسماع، فلا يُزاد عليه، ولا يأتي بعده أحسن منه)) فهي لأهمية موقعها شغلت مكانة مؤثرة في بناء النص الأدبي، مثلما أسهمت بانتظام وحداته، يُشير (حازم القرطاجني) إلى موقع الخاتمة ودورها في تنظيم أثر النص الأدبي بما يكشف عن خصوصية عملها، مثلما يُضيء أهميتها في النظر النقدي والبلاغي إذ إنها ((منقطع الكلام وخاتمه، فالإساءة فيه معفية على كثير من تأثير الإحسان المتقدم عليه في النفس)).

وللخاتمة في نصوص كتب الأمثال من الأهمية مثل مالها في كتب الأدب، مما يدعونا لدراسة دورها وتبيّن العلاقة بينها وبين وحدات المثل، إذ إنها تملك باستجابتها لطبيعة التكوين الداخلي أن تكشف جانباً مهماً من جوانب بناء النص وتضيء قابليته على منح وحداته من التلازم والانسجام ما يكشف سمةً سرديةً من سماته، فنصوص المثل وهي تحدد جهة عنايتها (قصصيّة مرةً، لغويّة مرةً أخرى) تغيّر بإيعاز داخلي صيغ خاتمتها. وإذا كانت دراسة (الاستهلال) قد كشفت لنا دوره في تنظيم الصلة مع سلسلة رواة غائبين، وحددت أهميته في الإسهام بتنظيم ما بعده، فإن دراسة (الخاتمة) لا تقل أهمية عن ذلك، فهي لا تتشكل بوصفها وحدةً زخرفيةً، ولا ترد تبعاً لذائقة آنية أو مزاج شخصي، على الرغم من كثرة صيغها التي قد توهم بمزاجيّة استخدامها واقتضابه، فإن تأمل علاقتها بما قبلها، وملاحظة استجابتها لموجّهات تُغيّر غرضاً وتقترح صيغةً، يكشف عن مستوى من التلازم بين الخاتمة وبين نص المثل من جهة، وبينها وبين غرضه من جهة أخرى، إذ إنها تهتم في أغلب نماذج كتاب (المفضّل الضّبيّ) بإنجاز وظيفة سردية تكتمل معها دائرة معها دائرة قصة المثل وتستدير، مثلما تُعنى بالصيغة التي تؤكد نظاماً سردياً يتجلى في عدد مهم من أمثال الكتاب.

الأمر الذي لا نجد لـه مثيلاً في كتب الأمثال اللاحقة تبعاً لاستجابتها لموجهات لغوية صبغت هذه الكتب صبغةً متباينةً حسب عناية مؤلفيها -وعناية عصر كتابتها- بالدرس اللغوي، إذ تشكل العناية بالخاتمة اللغويّة والشعريّة نسبةً مهمةً بين أشكال الخاتمة في كتابي (أبي فيد) و(أبي عكرمة)، على الرغم من تباينها بين كل منهما مما يُشير إلى خصوصية التوجّه الجزئي داخل الغرض الواحد، وقد تتوحد أشكال الخاتمة بين كتب الأمثال فتتوجّه جميعاً للعناية بالشعر أو التفسير، أو استخدام صور مختلفة من (الخبر)، من دون أن تتطابق في ما تقيمه من علاقات بين الخاتمة بتعدد صورها وبين وحدات نصوص أمثالها، كما إنها تختلف في نوعية العلاقات بين كل منها، وهي تستجيب على نحو واضح لأغراض التأليف.

يقدم (المفضّل الضّبيّ) في كتابه (أمثال العرب) صورة مميزة للتنظيم السردي لنصوص أمثاله، إذ يخضع بناؤها، مثلما أشار مبحثنا الاستهلال والفصل والوصل، لنظام خاص تُمنح معه وحداتها من الاهتمام ما يمكن أن يُهيء لباحث السرد حقلاً مهماً للدراسة ومعاينة أنموذج في التأليف لا يقف عند صيغ الأمثال جمعاً وتفسيراً، بمقدار ما يعتني بمناسبة المثل ويعتمد قصته اعتماداً يكشف قابلية الأداء القصصي ويُضيء خصوصية عمله السردي، بما يمكننا من دراسة أثره على خاتمة نصوص أمثاله بعد جدولتها على النحو التالي:

العدد

صيغة الخاتمة

ت

34 مثلاً

الاختتام بصيغة المثل

1

31 مثلاً

الاختتام بالشعر

2

13مثلاً.

الاختتام بالنتيجة التي تغيّر من مجرى القصة (وهي تُلحق على نحو مباشر بصيغة المثل)

3

6 أمثال

الاختتام بالتفسير

4

4 أمثال

الاختتام بالخبر

5

88 مثلاً

المجموع

يُقدم القسم الأول (الاختتام بصيغة المثل) وهو يشكل نسبة (38.7%) من مجموع الأمثال نظاماً تورد على أساسه صيغة المثل في ختام النصوص، لتكون القصة منشغلاً سردياً يحدد الأدوار وينظم الوحدات وصولاً لبلورة صيغة تقيم مع القصة ومن خلالها مع عدد من التجارب الإنسانية الكثير من الصلات، فهي تتشكل بوصفها قولاً يُنسب لإحدى شخصيات القصة للتعبير عن وعيها لتجربتها، محددة عبر صيغة المثل مركزاً سردياً يمكنه الامتداد من القصة إلى ما يشابهها من التجارب باشتراط وقوع الشبه بين موضوع التجربتين: الخاصة (تجربة المثل، حدثه، ومحمول قصته) والعامة (تجارب الناس في حياتهم اليومية). فالصيغة تؤدي دوراً أساسياً في الصلة بين التجربتين، بجدّة الثانية وحضورها، وقِدَم الأولى وغيابها على الأغلب، لتمثل التجربة الأولى بذلك، ومن خلال تفشي صيغة مثلها، رصيداً في وعي الجماعة وصور ثقافتها ينتظم داخل لغتها ويشكّل وجهاً من وجوه بلاغتها، فلا يُشترط عند ضرب صيغة المثل في التجربة الثانية حضور قصتها الأولى، ولا يُتطلب العلم بها فهي تضيء خبرةً إنسانيةً وتنبثق عنها.

يُلاحظ عند دراسة (الاختتام بصيغة المثل) ارتباط الصيغة على نحو مباشر بموضوع القصة وانبثاقها عن تجربة شخصياتها فضلاً عن تناسب صياغتها مع ملفوظ الشخصية، فهي لورودها جملة في حوار منقول تكون غالباً خلاصة القول وخاتمته، إذ إنها تصاغ عبر شخصية محددة هي الشخصية المركزية التي خاضت تجربة حدث لها فيها تغيّر معيّن أو تحوّل في حال تنتج عنه زيادة في أمر أو نقصان، وهي تجربة تمتد لتنظم (موضوع) المثل باتساع دلالته ليكون بإمكانها الارتفاع إلى وعي الجماعة والإسهام بإنتاج موروثها.

إن ملاحظة علاقة (الصيغة) بـ(الموضوع) تدعونا لدراسة ما يكون من صلة بينهما، ومقدار تعبير الصيغة عن موضوع المثل، وهو ما نتبينه في صيغ أمثال (المفضّل) التي اندرجت تحت القسم الأول بإشارتها إلى موضوع كالحمق أو الإحسان أو نكران الفضل أو البغي.. إلخ، فالدارس يلمس، على سبيل التطبيق، في الأمثال (2)، (3)، (24) نوعاً من وضوح الصلة يحدده مجرى العلاقة بين موضوع قصة المثل وما يُنتج عنها من صيغ تقوم مقام الخاتمة، ففي المثل رقم(2) نلاحظ الصلة بين موضوع المثل (التضليل) وبين صيغتيه (العلني مضلل كعامر، إن المعافى غير مخدوع)، إذ تكشف الصيغتان جانبين من جوانب قصة المثل يرتبط كل منهما بشخصيتي المثل الرئيسيتين (المستوغر بن ربيعة بن كعب) و(عامر)، وما يكون بينهما من حدث نتيجة (تضليل) فتى هو صديق عامر له، لتأخير مقامه عند (المستوغر) ولإشعاره بساعة انصرافه للانفراد بأم عامر حتى يفطن المستوغر للخدعة ويكشف الأمر لعامر فترد الصيغتان في ختام قصة المثل على لسان المستوغر مطابقتين لحال كل منهما هو وعامر (لعلني مضلَّل كعامر) في سريان التضليل والخديعة و(إن المعافى غير مخدوع) في تأكيد فطنة المستوغر ونباهته التي كشفت عمل الفتى وأبطلت خديعته، فالصيغة هنا تحدد صلة مهمة مع الموضوع حتى إنها تتوزع إلى صيغتين لتكشف كل منهما جانباً من جوانبه ووجهاً من وجوهه:

الموضوع: (الخديعة والتضليل).

الصيغة الأولى: لعلني مضلل كعامر: تمام الخديعة عامر

:عدم وقوعها المستوغر

(بإفادة لعل توقع الممكن غير الواقع)

الصيغة الثانية: إن المعافى غير مخدوع: تمام الخديعة عامر

: عدم وقوعها المستوغر

(بإفادة المعافاة معنى الفطنة والصيانة).

الصيغتان: الأولى والثانية: تمام الخديعة: الضلال +عدم المعافاة: عامر

عدم وقوعها: لعل +المعافاة: المستوغر

وهو ما ينظم أحداث قصة المثل ويختزلها إلى صيغة معنويّة سبق للقصة أن قدمتها مشخصةً، فالمستوغر بعد أن يفطن للحيلة يقود عامراً تحت التهديد بضرب عنقه ليريا معاً حال المرأتين، امرأة المستوغر وأم عامر، فيريان الأولى بين بنيها، وللتأكيد يسأل المستوغر: هل ترى من بأس؟ فيجيب عامر: لا أرى من بأس، لينطلقا بعدها إلى أهل عامر، بعد أن يكون نصف الحقيقة المكشوف قد أعلن نصفها المستور، فيجدان الفتى متبطناً أم عامر في ثوبها، فيقول المستوغر للتأكيد مرة أخرى: انظر إلى ما ترى، ثم قال (لعلني مضلل كعامر) فأرسلها مثلاً، وما زاده في الحديث إعلان براءته من أثر الخديعة: (إن المعافى غير مخدوع).

وفي المثل رقم(3) نقرأ أن (الأضبط بن قريع بن عوف) كان يرى من قومه بني سعد وهو سيدهم بغياً عليه وتنقصاً لـه ففارقهم وسار بأهله آملاً العيش مع قوم يجلّون أشرافهم لكنه يجد ما وجده عند قومه فيرتحل عنهم ويحل بآخرين فإذا هم كذلك، فينصرف عائداً إلى قومه وهو يقول (أينما أُوجِّه ألقَ سعداً)، لنلاحظ أولاً موضوع المثل القائم على (البغي والتنقص وعلاقة الصيغة به ثانياً إذ تكون ناتج تجربة الشخصية وجوهر حصيلتها.

الموضوع: (البغي والتنقص).

الصيغة: أينما أُوجِّه ألقَ سعداً: اختلاف الوجهة: قوم الأضبط

/ 89