قوم آخرون
تشابه السلوك: الإساءة إلى أشراف القوم.ونقرأ في المثل رقم (24) أن (عمرو بن جدير بن سلمى) كانت عنده امرأة جميلة معجبة لـه وكان ابن عمه (يزيد بن المنذر بن سلمى) بها معجباً، وأن عمراً دخل بيته ذات يوم فرأى منهما ما كرهه، فطلق المرأة وأعرض عن ابن عمه، فمكث يزيد ما شاء الله لا يقدر على النظر إلى وجه (عمرو بن جدير) حياءً، ثم أن الحي أُغير عليه، فابتدر الفوارس عمراً فطعنوه وصرعوه ثم تنازلوا عليه، ورآه يزيد فحمل عليهم فصرع بعضهم وأخذ فرس ابن عمه واستنقذه ثم قال لـه: اركب وانج، فلما ركب قال لـه يزيد (تلك بتلك فهل جزيتك) ليشكّل (محو الإساءة بالإحسان) موضوعاً تنتظم على أساسه قصة المثل وتتصل وحداته، فالإساءة تقع أولاً لتفرّق بين شخصيتي القصة الرئيستين وإن بقيتا متجاورتين في مكان واحد لسببين متلازمين: إدامة الإحساس بالإثم لدى المسيء، وانتظار الفرصة للتكفير وطلب العفو، وذلك لا يكون إلا بحدث جديد يغيّر من مجرى القصة ومواقع شخصياتها، فيقع (عمرو بن جدير) موقع الحاجة إلى العون فيسعى (يزيد بن المنذر) تحت ضغط السببين السابقين لمواجهة الفوارس وإنقاذ (عمرو) ليسارع قبل أن يسكن مُثارُ النقع إلى إعلان إحسانه والتخفف من ثقل ذنبه.الموضوع: (محو الإساءة بالإحسان)الصيغة: تلك بتلك فهل جزيتك: تلك (الأولى) اعتداء يزيد على عمرو إساءةتلك (الثانية) إنقاذ يزيد لعمرو إحسانالجزاء: إحسان يزيد يمحو إساءته.يمكننا ملاحظة خصوصية القسم الثاني (الاختتام بالشعر) وهو يشكّل نسبة (35.3%) من مجموع أمثال (المفضّل) وأهمية وروده في موضع الخاتمة خلافاً للاختتام بالشعر في كتب الأمثال اللاحقة إذ أنه يشكّل وحدةً عضويةً مع قصة المثل ينتقل عبرها التشكيل السردي من النثر إلى الشعر من دون أن تتعثر حركته، إنها تمتد بما يُمكن أن يضيفه الشعر إلى القصة، أو يرتفع به من تفاصيلها ملخصاً حدثها أو معلقاً عليها عبر عدد من الشخصيات يمكن تقسيمها كما يأتي:1. شخصية مشارِكة: تُسهم بالحدث وتكون عنصراً من عناصره، فهي تلخّص شعراً قصةً شاركت في أحداثها أو تعلّق عليها بما يكشف وجهة نظرها ويضيء موقفها من حدث معين أو شخصية أخرى من بين أحداث أو شخصيات القصة.2. شخصية غير مشاركة: وهي التي لا تسهم بقصة المثل على نحو مباشر ويمكن تقسيمها قسمين:أ ـ شخصية غير مشاركة قريبة: على الرغم من عدم إسهامها بقصة المثل إلا أن لها من الروابط مع شخصيات القصة ما يمكِّنها من التلخيص أو التعليق الشعريين.ب ـ شخصية غير مشاركة بعيدة: وهي منفصلة عن حدث القصة وشخصياتها يُستخدم بعضُ شعرها الذي يستوحي القصةَ خاتمةً (وربما امتدت الخاتمة لأكثر من مقطع شعري يستوحي فيها أكثرُ من شاعر جانباً من جوانب القصة).تُلاحظ على سبيل الدراسة خاتمتا المثلين (13) و(37) وهما تستعينان بالشعر (لتلخيص) موضوع قصة المثل مستأنستين بأهم عناصرها، ففي المثل رقم (13) يُلخّص (السليك بن السلكة التميمي) ما وقع لـه عند إغارته على بني شيبان وقتله لـ (يزيد بن رويم الشيباني)، فالشعر وهو يشكّل خاتمةَ نص المثل إنما يُلخّص ما سبق أن روي من حدث على لسان شخصيته الرئيسة:
وعاشيةٍ رجٍّ بطانٍ ذعرتها
فبات لها أهل خلاء فناؤهم
وباتوا يظنون الظنونَ وَصُحبتي
وما نلتها حتى تصعلكتُ حقبةً
وحتى رأيت الجوعَ بالصيف ضَرَّني
إذا قمتُ يغشاني ظلالٌ فأَسْدَف
بصوت قتيلٍ وَسْطَها يَتَسيّفُ
ومرَّت بهم طيرٌ فلم يتعيفوا
إذا ما علوا نشزاً أهلّوا وأوجفوا
وكدتُ لأسباب المنيّة أَعرفُ
إذا قمتُ يغشاني ظلالٌ فأَسْدَف
إذا قمتُ يغشاني ظلالٌ فأَسْدَف
نُبئت أنَّ رقاشِ بعد شماسها
فالله يحظيها ويرفعُ ذكرها
كانت رقاشِ تقودُ جيشاً جحفلاً
دُرّي رقاش فقد أصبتِ غنيمةً
فحلاً يَصُورك أن تقودي جحفلا
حبلت وقد ولدت غلاماً أَكحلا
والله يلحقها كشافاً مقبلا
فَصَبَتْ وحق لمن صبا أن يحبلا
فحلاً يَصُورك أن تقودي جحفلا
فحلاً يَصُورك أن تقودي جحفلا
فلا تسقِ فيهم ولا تَغْسِلِ
وليتك في البطنِ لم تُحملِ
وليتَ قناتَك من مغزلِ
وليتَ سنانَك صنارةٌ
إذا ما أَتيتَ بني مازنٍ
فليتكَ لم تُدعَ من مازنٍ
وليتَ سنانَك صنارةٌ
وليتَ سنانَك صنارةٌ
ما في الدوائر من رجليّ من عَقَلٍ
عند الرهانِ وما أُكوى من العَفَلِ
عند الرهانِ وما أُكوى من العَفَلِ
عند الرهانِ وما أُكوى من العَفَلِ
كفى قومهُ شيبانَ إِنَّ عظيمةً
متى ما تَحِنْ تُؤخَذْ لها أَهَباتُها))
متى ما تَحِنْ تُؤخَذْ لها أَهَباتُها))
متى ما تَحِنْ تُؤخَذْ لها أَهَباتُها))
أضلَّه راعيا كلبيّةٍ صَدَرا
عن مُطِلبٍ وطُلَى الأَعناق تضطَرِبُ))
عن مُطِلبٍ وطُلَى الأَعناق تضطَرِبُ))
عن مُطِلبٍ وطُلَى الأَعناق تضطَرِبُ))