2- القصة ثنائية الأحداث
تُقدِّم القصة ثنائية الأحداث إنموذجاً مهماً من بين نصوص أمثال (المفضّل الضّبي)، على الرغم من ضعف نسبتها أمام نسبة القصة أحادية الحدث، إذ أنها تشكل (5.7%) من مجموع الأمثال بيد أنها بتحولها من نسق التتابع إلى نسق التنضيد، وعنايتها بقصص (الشخصيات) تقدم مقترباً آخر لتأمل سردية نصوص الأمثال وفحص أساليب صياغتها، فإذا كان نسق التتابع يقوم بالأساس على تقديم أحداث القصة جزءاً بعد آخر، فإن نسق التنضيد يتوجّه لتقديم تتابع قصصي تستقل كل قصة فيه عن الأخرى ((تصل فيما بينها شخصية مشتركة)) مما يمنح الخبر فرصة أكبر في التنظيم وهو يستجيب لرابط فني لم يكن يتوفر في نصوص القسم الأول باعتمادها تقديم خبر محدد بمتوالية تامة، أو غير تامة، أحادية، أو مزدوجة ترتبط بالحدث وبسبل أدائه بالدرجة الأساس، في حين تواجهنا القصة ثنائية الأحداث باستجابتها لنسق التنضيد- الذي لا يقل بدائية وشيوعاً عن سابقه- بوضوح عنايتها بشخصية معينة إنما تتوحد في إطارها الأحداث ويعتمد نص المثل سرد وقائعها، كما يوضح الجدول الآتي:صيغة المثلالأحداثالشخصيةرقم المثلتأسرع من نكاح أم خارجةماله أُلَّ و غلَّأ.خبر نكاح أم خارجةب.خبرها مع بعض ولدهاأم خارجة101.إن الليل طويل وأنت مقمرأضرطاً وأنت الأعلىالعاشية تهيج الآبيةأ.صفته وخبر خروجه للغزوب.خبر آخر من أخبار غاراتهالسليك بن السلكة132.بمثل جارية فلتزن الزانيةعوف يرنأ في البيتأ.خبر وقوعه على امرأة من خثعمب.خبر ابن جارية من المرأةجارية بن سليط بن الحارث193.رُميتُ فرَميت..لا فتى إلا عمرإحدى خطْيات لقمانأضرطاً آخر اليوم..أ.خبر لقمان والإبلب.خبره مع امرأة بن تقنلقمان بن عاد644.استنوق الجمل-------أ.خبره طفلاً مع المتلمسب.خبر مقتلهطرفة بن العبد875.قد تقوم قصة المثل، كما في القسم السابق، على تقديم أحداثها في متتالية تامة أو مجزوءة تُطوى إحدى حلقاتها ويُختزل أثرُها في حلقة لاحقة بما يمكننا من تأشير الحلقة المفقودة وتعيين أثرها، ولا تكتفي القصة، كما يبين الجدول، بخبر واحد فهي تنفتح على خبرين توحِّد بينهما شخصية معينة، وتضم عدداً من (صيغ الأمثال) يستجيب لتنوع الأحداث التي توسع من مساحة (الخبر) وتزيد من مدى حلقاتها بما يهيئ المجال لتلمّس أنساق ضمنية تنتظم داخلها الأحداث وتتعدد الصيغ. وتجدر الإشارة إلى الصلة بين الخبرين وهما يتنضدان في قصة واحدة تتوجه بالأساس لجمع أحداث قد تتفق موضوعياً كما في المثلين (10)،(13) اللذين يتوجهان للجمع بين خبرين متآلفين يكشف الأول بعضاً من سيرة أم خارجة، ويلتقط الثاني خبرين من أخبار غارات السليك بن السلكة، وقد ينفصل الخبران موضوعياً على الرغم من اتفاق شخصيتيهما كما في الأمثال الأخيرة (19)، (64)، (87)، فيقدم المثل الأول خبر مثل جارية وإعجاب امرأة من الخثعم به، وهو يتوجه في خبره الثاني لسرد بعض من طبائع ولدهما، مثلما تقدم قصة المثل رقم (64) في أحداثها خبرين منفصلين من أخبار لقمان بن عاد، وتقدِّم قصة المثل الأخير إنموذجاً مختلفاً يُلتقط فيه خبران من أخبار طرفة بن العبد يتوزعان بين طفولته ومقتله من دون أن تضاء المدة الفاصلة بينهما. إن فاعلية نسق التنضيد وحيويته تمنح نص المثل فرصة لتطوير نُظم صياغته وتأمين مساحة أوسع لإنتاج مناسبة سردية لاحتضان (صيغ الأمثال) التي ستتعدد هي الأخرى بتعدد وحدات نصل المثل وتعقّد أحداثها، كما في المثلرقم (13):1.توازن: السليك بن السلكة التميمي من أشد فرسان العرب وأكثرهم شعراً2.عملية التغيير: افتقر حتى لم يبقَ لـه شيء (سبب)خرج رجاء أن يصيب شيئاً. اشتمل الصماء في ليلة باردة (نتيجة)بينا هو نائم جثم عليه رجل قصد أسرهالسليك يقول: (إن الليل طويل وأنت مقمر)الرجل يؤذي السليك، يُخرج الأخير يده فيضم الرجل ضمّةً ضرط منهاالسليك يقول: (أضرطا وأنت الأعلى)يتحادثان ثم يتبيّن السليك فقرَ صاحبه، فينطلقان معايصادفهما رجل قصته مثل قصتهما فيمضون جميعاًيصلون جوف مراد الذي باليمن وإذا نعَمٌ قد ملأ كل شيءالسليك ينفصل عن صاحبيه ليستطلع حال الحييتيبن بُعدَ رجال الحي إن طلبوا لم يدركوايكيد برعاء الحي فيغني منادياً صاحبيه:
يا صاحبيّ ألا لا حي بالوادي
أنتظران قليلاً ريث غفلتهم
أم تعدوان فإن الريحَ للعادي
إلا عبيدٌ وآمٌ بين أذوادٍ
أم تعدوان فإن الريحَ للعادي
أم تعدوان فإن الريحَ للعادي