1ـ القصة أحادية الحدث - سرد الامثال نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

سرد الامثال - نسخه متنی

لؤی حمزة عباس

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

1ـ القصة أحادية الحدث

تتوجّه نصوص الأمثال لتقديم أحداثها في منظومات خبريّة قد تكتفي بخبر محدد يضيء تجربة المثل وينشئ مجالاً سردياً مناسباً لاحتضان صيغته، وقد تمتد لأكثر من خبر تتوحد نسائجها السرديّة في نسق متتابع وتتضافر في (متواليات) تسعى حلقاتها لوصف حالتي (التوازن أو الاضطراب) و(الانتقال من حالة إلى أخرى)، ولعلَّ من نافلة القول الإشارة إلى الطبيعة المرنة للمتتالية التي تمكّنها من الورود كاملة أو مجزوءة، إذ ((يمكن للمتتالية بطبيعة الحال أن تُقطع في وسطها (انتقال من التوازن إلى الاضطراب فقط أو العكس) أو تقطع إلى أقسام أصغر))، بما يمكننا من دراسة المتتاليات المختصة بحدث واحد على النحو الآتي:

أ. المتتالية التامة.

ب. المتتالية غير التامة.

ج. المتتالية المزدوجة.

يقدم المثل (32) مثالاً مناسباً من بين أمثال (المفضّل الضّبّي) التي تقوم على خبر مكتمل تحدده متتالية تامة تسهم عبر حضور وحداتها بكشف السبب والنتيجة اللذين يقيمان الحدث وينظمان حركته عبر ظهور التوازن وغيابه محققه لسرديّة المثل أحد أَبسط أشكالها القصصية.

1. توازن: رجل لـه فرس معلّمة قد تآلفها وعرفته.

2. عملية التغيير: بعثه قومه طليعةً، وهو لا يدري أن العدو قريب. (سبب)

3. فقدان التوازن: أُسر الرجل وهربتِ الفرس. (نتيجة)

4. عملية إعادته: الطلب من الرجل إِعادة الفرس فديةً لنفسه. (نتيجة/ 2)

5. توازن جديد: عودة الفرس. (عرفتني نسأها الله) (صيغة المثل)

في حين يُقدِّم القسم الثاني من القصة أحاديّة الحدث عبر (المتتالية غير التامة) نماذج سرديّة مختلفة تُسهم بما يكتنف حلقاتها من نقص وما يشوبها من فقدان بإضاءة موضوعها الأساس فهي تُقيم نوعاً من جدل العلاقة مع موضوعها، إذ أنها تكشف عبر نقص حلقاتها ما يتوجّه الموضوع للتعبير عنه من دون أن يكون هذا الكشف محدداً بصيغة معينة، كما في المثل رقم (18):

1. توازن: أحب النمر بن تولب امرأة من بني أسد بن خزيمة فاتخذها لنفسه وقد أسنَّ يومئذ. كان لـه بنو أخ.

2. تغيير: بعض بني أَخيه يراود امرأَته عن نفسها (سبب)

الزوجة تشكو للنمر (نتيجة)

النمر يرد: قولي لهم وقولي..

3. فقدان التوازن (المحتمل): الزوجة تقول (سأكفيك ما كان قولاً) (صيغة المثل)

يرتفع قول الزوجة مؤدياً مهمتين في وقت واحد، الأولى هي إنتاج صيغة المثل بعد أن وفّرت القصة فضاءً مناسباً لها، والثانية هي الانفتاح على ما يمكن أن يُكمل دورته القصصية ويُتم أحداثها (حلقاتها)، فليس المقامُ مقامَ قولٍ وردّ بقدر ما هو مقام عمل ومواجهة، وهو ما يفتقد إليه الزوج لكبر سنّه، مما يدفع المتوالية، على الرغم من عدم اكتمالها، باتجاه (الأشعار بالفقدان) الذي تمثّله صيغة المثل على نحو واضح وهي تكتم شعوراً بالسخرية.

ويقدم نص المثل رقم (24) عبر متتاليته غير التامة أنموذجاً مختلفاً يمكن تأمله كما يأتي:

1. توازن: عمرو بن جدير عنده امرأة معجبة لـه جميلة.

2. عملية التغيير: ابن عمه يزيد بن المنذر بها معجب (سبب)

3. فقدان التوازن: دخل عمرو ذات يوم فرأى من ابن عمه ومن زوجته ما كرهه، فأعرض عن ابن عمه وطلّق المرأة. (نتيجة)

4. عملية إعادته: تعرّض القبيلة للسلب

إنقاذ يزيد لعمرو

يزيد يقول: (تلك بتلك فهل جزيتك؟) (صيغة المثل)

تتفق متوالية المثل رقم (24) مع سابقتها في كونهما ينفتحان على ما يمكن أن يُكمل المتوالية من أحداث أو ينبئ بها، وإذا كانت المتوالية السابقة قد اتجهت نحو (الإشعار بالفقدان) فإن متواليتنا تتجه نحو (الإشعار بالتوازن الجديد) الذي يظل من دونه سؤال يزيد (صيغة المثل) مفتوحاً، لا ينغلق ولا يستقر بغير اكتمال المتوالية وتحقق التوازن الجديد.

ويمكن لنص المثل رقم (33) أن يقدم جانباً آخر تُسهم المتوالية فيه بكشف الموضوع:

1. توازن: قوم يعيشون في جزيرة من جزر البحر دونها خليج.

2. عملية التغيير: أتى الجزيرة قوم يريدون أن يعبروها فلم يجدوا معبراً.

نفخوا أسقيتهم وجعلوا يعبرون عليها.

رجل منهم أَقلَّ النفخَ وأضعفَ الربط. (سبب)

3. فقدان التوازن: لما توسط الرجل الماء خرجت الريح حتى لم يبقَ في السقاء شيء وغشيه الموت فنادى رجلاً من أصحابه.

صاحبه يقول: (يداك أوكتا وفوك نفخ) (صيغة المثل)

إن ما تسعى إليه المتوالية في سبيل إكمال نقصها والخروج من مأزق الرجل هو (طلب التوازن الجديد) الذي لن يكون مختلفاً عن التوازن الأول كثيراً، لكن الجملة الأخيرة (صيغة المثل) تقوم بتلخيص الواقعة وتأكيد عملها بما يُشير لاستحالة تحقق الطلب، واحتمال انفتاح المتوالية على حدث مختلف يكمل فيه القوم عبورهم من دون الرجل صاحب السقاء.

ويمكننا أن نُلاحظ عبر القسم الثالث (المتتالية المزدوجة) أنموذجاً يعتمد تضافر الأسباب والنتائج وتعاضدهما بما يكون بين متتاليات أحداثه من تواشج وارتباط سواء وردت المتتالية تامةً أو مقطوعةً فهي تمنح أحداثها تشكيلاً يختلف عن القسمين السابقين بالتعقيد النسبي لنسائجه السردية، وقدرته على الامتداد لمساحة أوسع من الأحداث والشخصيات من دون أن يغيّر من انتظام نسق التتابع الذي يحكم وحداته ويحدد مجالاً متواتراً لحركة أحداثه، وهي تتوجّه بالأساس للإجابة عن سؤال معيّن، فإذا كانت ((هناك قاعدة شبه عامه وهي أن السرد يكون جواباً عن سؤال، أي تلبية لرغبة أو طلب قد يكتسي صيغة الأمر))، فإن سرد الأمثال يكون جواباً عن سؤال معلوم لا يبحث عن حدث ولا يطلب شخصية ولا يديم لغزاً، بل يتوجّه بالتحديد لتجربة المثل التي تفترض دوران (صيغته) بين الناس بما يوجّه السؤال على نحو أكثر تخصيصاً لمعاينة (الكيفية) التي تجلّت بها الصيغة، فإن سؤالاً سردياً معيّناً مثل (كيف كان ذلك؟) يشكّل موقعاً خاصاً في أفق إنتاج نصوص الأمثال وتنظيم مجالها القصصي إلى جانب كونه مسؤولاً إلى حد بعيد عن إبراز محفّزات الحكي في العديد من أنواع وأشكال السرد العربي القديم مما يمكّن السرد، مع توالي السؤال، من تغيير نسائجه وإن عملت جميعها في مجال معلوم كما في نصوص الأمثال (1)، (8)، (88) التي تسهم أكثر من متتالية في نسج أحداثها، ففي المثل رقم (1) ترد الأحداث كما يأتي:

1. توازن: كان لضبة بن أد ابنان هما سعد وسُعَيد

2. عملية التغيير: نفرت أبلهما (سبب أ)

خرجا يطلبانها (نتيجة أ)

3. فقدان التوازن: عاد سعد ولم يرجع سُعَيد (أسعد أم سُعَيد)

(نتيجة أ/2) (سبب ب)

2. عملية التغيير: الحارث بن كعب يُحدِّث ضبة عن قتله شاباً (نتيجة أ/3)

ضبة يتبين أن الحارث هو قاتل سُعَيد

(إن الحديث لذو شجون)

ضبة يقتل الحارث (نتيجة ب)

الناس تلومه لقتله رجلاً في الأشهر الحرم (نتيجة ب/2)

(سبق السيف العذل)

وفي نص المثل رقم (8) نلاحظ الترتيب الآتي:

1. توازن: تقن بنت شريق تحت رجل من قومها

أخوها الريب من فرسان بني سعد وأشرافهم

كانت لها ضرَّة، ولضرَّتها ولد يقال لـه الحميت.

2. عملية التغيير: وقوع الشر بين تقن وضرتها (سبب أ)

3. فقدان التوازن: الحميت يطعن تقن في فخذها (نتيجة أ)

4. عملية التغيير: زوجها يدعوها للسكوت مقابل ثلاثين من الإبل (نتيجة أ/2)

5. التوازن الجديد: تقن تلحق إِبل زوجها بإبلها

وتسمها بميسم أخيها الريب (نتيجة أ/3)

1. توازن: سفيان بن شريق (أخو تقن) يرد الماء

2. عملية التغيير: يلاقيه الحميت على الماء ويكون بينهما كلام (سبب ب)

3. فقدان التوازن: الحميت يضرب سفيان فيدمي قروحاً

كانت في عنقه (نتيجة ب)

4. عملية التغيير: سفيان يأتي أخاه الريب (نتيجة ب/2)

الريب يطارد الحميت (نتيجة ب/3)

الريب يضرب الحميت بالسيف (نتيجة أ4/ ب4)

(أعركتين بالضفير)

ونلاحظ في نص المثل رقم (88) الترتيب الآتي:

1. توازن: إن أخوين كانا في إبل لهما

2. عملية التغيير: أجدبت بلادهما (سبب أ)

هبوط أحد الأخوين إلى الوادي (نتيجة أ)

3. فقدان التوازن: الأخ تلدغه حيّه الوادي (نتيجة أ/2)(سبب ب)

طلب أخيه الحيّة لقتلها (نتيجة ب)

4. عملية التغير: الحيّة تطلب الصلح، الأخ يوافق (نتيجة ب/2)

5. التوازن الجديد: الحيّة تُعطي الأخ كلَّ يوم ديناراً

الأخ يصبح أحسن الناس حالاً (نتيجة ب/3)

2. عملية التغيير: يذكر أخاه فيأسف (سبب ج)

عمد إلى فأس فأحَّدها (نتيجة ج)

ضرب الحيّة فأخطأها

الفأس يترك أَثراً على الحجر (نتيجة ج2) (سبب د)

3. انعدام التوازن: الحيّة تقطع الدينار الذي كانت تعطيه (نتيجة د)

الأخ يندم، يطلب العودة إلى ما كان عليه مع الحيّة (نتيجة د/2)

الحيّة ترفض (نتيجة د/ 3)

(كيف أعاودك وهذا أثر فأسك؟)

تبيّن التطبيقات السابقة قدرةَ نصوص الأمثال على استحضار (الخبر) وتنظيم وحدات أحداثه بما يُسهم بكشف موضوعاته وبيان محمولاته، فلم يقف اعتماد المتتاليات عند حدود شكليّة مغلقة بل ساعد على الارتفاع بموضوع المثل وتأمين المجال الأنسب لصيغته على مختلف أشكال المتتاليات (التامة، غير التامة، المزدوجة) وهي تُنظم أخبارها عبر إشعار بالفقدان، أو إشعار بتوازن جديد، أو المطالبة به، فالنقص الحاصل في المتوالية غير التامة يَنمُّ عن مستوى صريح من النقص والحاجة اللذين يكتنفان موضوع المثل ويشوبان واقعته بما يتطابق، إلى حد بعيد، مع صيغة المثل التي تَرِدُ مفردةً هي الأخرى في مجمل نصوص هذا القسم، في حين يُقدِّم القسم الثالث باعتماده متتالية مزدوجة (تنفتح على متتاليتين غير تامتين تقدمان خبراً محدداً) صيغة واحدة أو أكثر، يُسهم تعاضد المتتاليتين وتواشج الأسباب والنتائج بينهما بتنظيم مجال سردي مناسب لها.

ويمكن تأمل إمكانية هذه النصوص على تأمين مستوى من الرصد لحركة أحداثها، وتحوّلات شخوصها بما يشيع من روح تنبيء في الأدب النثري لتلك المرحلة، لا يتوجّه لرصد تحولات خارجيّة أو التنبؤ بها فحسب، بل يكون بمستطاعه، إلى حد ما، إضاءة دواخله والأشعار بتحولات أحداثه، ومتغيرات شخوصه، ومن المهم الإشارة إلى نوعيّة هذا (الأرصاد) الذي لا يعمل على تقديم قصص متضمنة تكون بمثابة تلويح بتحولِ أو مصير إحدى شخصيات قصة المثل بل يتم ((عن طريق جملة قصصية صغيرة من القصة الأصلية)) تَرِد على لسان إحدى شخصيات القصة مما يُعزّز سمةً نبوئيّةً توحِّد أحداث قصة المثل وتزيد من فاعلية الأواصر فيما بينها، ففي المثل الأخير (رقم 88) يُصرِّح السارد بأن ((في الوادي حيّة قد حمته من كل أَحد)) معززاً بالجملة المحققة دور الحيّة في الحفاظ على الوادي ومنع الناس عنه، ليكون حوار الأخوين عندئذ مبيناً في تصوّر مسبق إذ يُحذِّر أحدهما الآخر قائلاً ((إني أخاف عليك الحيّة، ألا ترى أَن أحداً لم يهبط ذلك الوادي إلا أهلكته)) ثم يحدث أَن تلدغ الحيّة الأخ فتقتله بعد أن يرعى إبله زماناً في الوادي، فيُتيح الحوار على هذا النحو ((الفرصة للمواقف المتغيّرة والقفزات السريعة ويجنب المنشئ تراكب الجمل، والدوران حول الفكرة الواحدة التي تربط بين أجزائها برباط محكم ثقيل))، ليكتمل الأرصاد وتتحقق النبوءة وتواصل قصة المثل بناءً على مقتل الأخ سرد أحداثها، الأمر الذي يمكن متابعة تطور عمله وتعقيد دوره مع القسمين اللاحقين وهما ينفتحان على أكثر من خبر مما يمنح القصة مسافة أبعد من الأحداث تسهِّل أمامها إرصاد أحداث لاحقة أو الإشارة إلى تحولاتها.

/ 89